تطور العلاقة بين الدولة والاخوان والاحزاب

mainThumb

27-11-2007 12:00 AM

عاشت جماعة (الإخوان المسلمون) نحو أربعين عاماً في حضن الدولة الأردنية. وكانت العلاقة بين الطرفين تقوم على تبادل المصالح، فالدولة تعطي الإخوان حرية العمل المنفرد على الساحة الحزبية، والإخوان يعطون الدولة مقاومة وتحجيم الشيوعيين والبعثيين، الذين كانوا يشكلون خطراً على الدولة، واتهامهم بالإلحاد والكفر.

لم يكن الإخوان في يوم من الأيام حزب الدولة، ولم تكن الدولة ملتزمة بمنهاجهم، ولكن الظروف كانت تفرض زواج المتعة بين الجانبين، فالإخوان بحاجة لساحة يعملون فيها بحرية، خاصة بعد إغلاق عبد الناصر للساحة المصرية، والبعث للساحة السورية في وجوههم. والحكومة كانت بحاجة لمن يقف في وجه المد اليساري المتحالف مع الخارج الذي كان يشكل تهديداً وجودياً لأمن الدولة.

1989 شهدت نهاية مرحلة قديمة وبداية مرحلة جديدة، فهي سنة البدء بإجراءات الطلاق، ليس لأن الدولة غيّرت نهجها، فنهجها لم يتغير، وليس لأن الإخوان غيّروا سلوكهم فسلوكهم لم يتغير، بل لأن حاجة كل من الطرفين للآخر تغيرت ولم تعد قائمة، وأصبحت عبئاً بعد أن كانت ذخراً.

الدولة الأردنية لم تعد مهددة بالاجتياح الناصري أو البعثي أو الشيوعي. والإخوان ضربوا جذورهم عميقاً في الجوامع والجامعات والمدارس والأرياف والمخيمات، ولم يعودوا سعداء بالظهور بمظهر المعين للدولة والمستعين بها، فالمعارضة أكرم.

وإذا لم يكن هذا كافياً فقد جاءت نتائج الانتخابات لسنة 1989 لتطلق الضوء الأحمر ، فالإخوان لم يعودوا قانعين بالعيش في ظل الدولة بل أصبحوا يتطلعون إلى السلطة باعتبارهم أكبر حزب منظم في البلاد. والدولة لم تعد تحسب حساباً للأحزاب اليسارية التي قنعت بمبادلة الولاء بالشرعية، كما دل الميثاق الوطني الذي بلور شروط المصالحة التاريخية بين الدولة والأحزاب على قاعدة الولاء للدولة والحرية للأحزاب.

لم يطل الوقت بعد صعود الأحزاب من تحت الأرض إلى سطحها، حتى تبين أنها من وزن الريشة، وأن التعاقد معها لم يعد لازماً ، فوضع الميثاق على الرف.

في المرحلة الحالية صار واضحاً أن الدولة هي القوة الوحيدة، ليس فقط بأجهزتها العسكرية والأمنية، بل أيضاً بالثقة العامة والولاء للدولة. وصار على القوى الهامشية، من أقصى اليمين الديني إلى أقصى اليسار القومي أن تعرف حدودها. وقد قبلت كل تلك القوى بهذه المعادلة ولم يكن أمامها خيارات أخرى.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد