فلنصغ باهتمام لما ستقوله جهيزة في أنابوليس

mainThumb

27-11-2007 12:00 AM

ترقبوا الخطاب الافتتاحي لمؤتمر أنابوليس ، والذي سيلقيه الرئيس الأمريكي جورج بوش في تمام الساعة السادسة مساء بتوقيت عمان وشرق المتوسط ، فإذا كان المكتوب يقرأ من عنوانه ، فإن خطاب بوش الافتتاحي هو عنوان مكتوب أنابوليس واجتماعها الدولي الذي طال انتظاره.

أهمية خطاب بوش ، لا تنبع فقط من كونه يعرض لسياسة الدولة الأعظم ، أو الدولة المضيفة والراعية للاجتماع ولعملية السلام بكليتها ، بل تنبع كذلك من كونه يعبر عن "يختصر" التبدلات والتحولات في سياسات الإدارة ، ويعبر عن "حصيلة" توازنات القوى بين اتجاهاتها ومراكز صنع القرار فيها ، ومن كونه مؤشرا على الوضع أو "المكانة" التي انتهت إليها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط بعد أكثر من ست سنوات على حكم الجمهوريين والمحافظين الجدد والقدامى.

وستتاح لنا بعد الاستماع لهذا الخطاب ، فرصة التعرف على صدقية وجدية مختلف التقديرات والرهانات والتحليلات ، التي ذهب بعضها حد القول بأن بوش 2007 ليس هو بوش 2001 ، وأن إدارته الثانية لا تتصرف وفقا لخطوط إدارته الأولى و"ثوابتها" ، وأن توازنات القوى داخل مؤسسات صنع القرار لم تعد لصالح "تيار الحروب الاستباقية والعسكرة والأحادية" ، بل أخذت تميل لصالح مقاربات "تسووية" في الغالب الأعم.

لقد جاءت هذه الإدارة قبل ست سنوات ، بسياسة تعاند سياسة الإدارة الديمقراطية التي سبقتها ، وتذهب باتجاه مغاير لما كانت تفعله في معظم الملفات الشرق الأوسط ، انسحبت من عملية السلام ، ولم تولها الاهتمام الذي تستحق ، إلى أن وقعت أحداث الحادي عشر من سبتمبر ، والتي أفضت إلى تبني هذه الإدارة "مبدأ بوش" في السياسة الخارجية القائم على الحروب الاستباقية والوقائية و"الأحادية" ونظرية تقسيم العالم إلى "فسطاطين" واحد للخير وآخر للشر ، ومن ليس معنا فهو ضدنا.

وفقا لمقتضيات هذا "المبدأ" ، وتحت ضغط حاجتها للحلفاء في حروبها على الإرهاب والعراق وأفغانستان ، تقدمت الإدارة بمبادرة "الرؤية" ، دولتين لشعبين ، وأتبعتها بخريطة طرق ، لكن الرؤية ظلت ضبابية ، والخريطة المثقلة بالشروط لم تقد الأطراف إلى الطرق التي ضلوها وأضاعوها ، وعاشت المنطقة ، وتحديدا المسار الفلسطيني الإسرائيلي ، سبع سنوات عجاف من المواجهة الدامية والمراوحة المقيتة ، انتعشت خلالها أعمال الاجتياح والقتل والتدمير والاستيطان والجدران.

واليوم يقال أن هذه الإدارة ، وتحت ضغط مأزقها المزدوج ، في العراق وأفغانستان ، بل وفي الشرق الأوسط برمته ، تريد أن تقترب خطوة إضافة من المسألة الفلسطينية ، وتريد لهذا الصراع أن يجد طريقه إلى الحل النهائي ، لا لأن الحل مطلوب بذاته فحسب ، بل لكونه يسهل اصطفاف المعتدلين العرب خلف واشنطن في حملاتها ضد إيران وحلفائها ، ويشار أيضا في هذا الصدد إلى غلبة "تيار رايس" على "جماعة تشيني" ، الأمر الذي أنعش الرهانات والآمال المتعلقة على الفرصة الأخيرة للسلام ، واستطرادا حتى أنابوليس ، مرورا بمبادرة بوش للدعوة للاجتماع الدولي والتي جاءت بعد انقلاب حماس في غزة ، وتحت تأثير الخشية من تمدد "محور الشر" واتساع نطاقات نفوذه.

اليوم ، ستتاح لنا فرصة التعرف على حجم التحولات والتغييرات التي طرأت على خطاب هذه الإدارة ومواقفها ، وستتوفر لنا فرصة اختبار صدقيتها وجديتها في التعامل مع الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ، وسنختبر قدر السيدة رايس على إضفاء طابع أكثر حيادية ونزاهة على السياسة الأمريكية حيال القضية الفلسطينية ، أي باختصار فإن جورج بوش اليوم ، سيعلب دور "جهيزة" التي قطعت قول كل خطيب ، فلنـُصغً باهتمام لما ستقوله جهيزة في أنابوليس.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد