شبكة الامان شعبيا

mainThumb

03-12-2007 12:00 AM

الحكومة السابقة والجديدة تتحدثان عن شبكة امان اجتماعي ستكون جزءا من موازنة العام القادم. وستكون تعويضا لطبقات من المواطنين، تحديدا ذوي الدخل المحدود، عما هو قادم من تحرير اسعار المشتقات النفطية. شبكة الامان هذه ما زالت تحت الدراسة وستقدمها الحكومة للناس عبر مجلس النواب مع مشروع موازنة الدولة للعام القادم.

شبكة الامان لدى الحكومة لها مفهوم واسع ممتد من الصحة الى التعليم وغيرها من الخدمات الاساسية، لكن لتسمح لنا الحكومة ان نقدم لها جزءا من الصورة، كما يراها الناس. فما نحن مقبلون عليه هو سحب يد الحكومة من كل اشكال الدعم المقدمة للمواد الاساسية. والنفط هو اخر المعاقل مع بقاء بعض الدعم المقدم لرغيف الخبز الذي تمت محاصرته برفع اسعار كل انواع (مشتقات) الطحين باستثناء نوع واحد من الخبز.

مع الاحترام لكل تفاصيل شبكة الامان القادم الا انها ليست الشبكة الاولى، ولهذا فإن المواطن ينظر الى عنصرين هامين؛ الاول وضع الراتب وما سيلحق به من هذه الشبكة، وذوو الدخل المحدود في معظمهم هم موظفو القطاع العام عاملون ومتقاعدون مدنيون وعسكريون، يضاف اليهم متقاعدو الضمان الاجتماعي. واذا كانت الحكومة تتحدث عن شبكة امان حقيقية فإن من اهم المعايير انقاذ الراتب من حالة الاستنزاف الذي تعرض لها بحيث فقدت الوظيفة العامة مكانتها كمصدر رزق يكفي لحياة معقولة.

الحديث الذي سمعناه عن ربط الراتب بمستوى التضخم وتكاليف المعيشة وهو امر معقول، لكن المهم ان يشعر المواطن صاحب الدخل المحدود ان الحكومة التي انسحبت من كل اشكال الدعم لم تتركه يواجه اسواقا وتجارا واسعارا متخمة بالارتفاع براتب يتآكل. وهنا لا اتحدث عن زيادة مقطوعة على الراتب بل شبكة امان تحمي الراتب المحدود وتجعله مرنا مع تقلبات السوق.

الناس اصبحت تنتظر قرار تحرير الاسعار، لكنها تنتظر - ايضاً- ما ستقدمه الحكومة من اضافة نوعية على الراتب والتقاعد. ولن ينتظر الناس ليسمعوا الحديث الانشائي عن شبكة الامان بل ما يرونه جوهرا. ونتمنى على الحكومة اذا قدمت انقاذا للراتب والتقاعد ان تسعى لأن يرافق هذا ذات الخطوة على صعيد الضمان الاجتماعي؛ لأن الغالبية العظمى من متقاعدي الضمان هم من ذوي الدخل المحدود.

وربما لو وسعنا دائرة الامان فإنه من المفترض ان يتم التوافق بين الحكومة وكل القطاع الخاص لتكون عملية ربط الراتب بمستوى المعيشة والتضخم شاملة ايضا للقطاع الخاص، فهم ايضا مواطنون يصيبهم ارتفاع الاسعار والغلاء. طبعا قد لا تكون الحكومة قادرة على الزام القطاع الخاص، لكنها ايضا ليست معفاة من مسؤوليتها تجاه موظفي هذا القطاع.

الجانب الاخر من الشبكة التي يحتاجها الناس الا تكون الحكومة عاجزة مثلما سبق عن ضبط السوق. وبوضوح اكثر فإن مشكلة المواطن ليست فقط مع ارتفاع سعر الكاز والغاز، بل ممتدة ايضا الى مشكلة اكبر وهي ان اي ارتفاع في سلعة اساسية تتبعه سلسلة طويلة من الارتفاعات، سواء بالسلع المرتبطة بالسلعة الاساسية او ما ليس مرتبط بها.

الحكومة ترفع سعر سلعة، لكن السوق يرفع اسعار عشرات السلع. والحكومة تقف عاجزة لأنها تخلت عن سلطتها فلا سلطة لها لا بأن تطلب من التاجر اعلان التسعيرة، ما فتح الباب امام الاستغلال والرفع العشوائي لكل شيء. الحكومة السابقة عملت على اعطاء دور اكبر للمؤسسة المدنية، وهذا امر ايجابي لكنه غير كافي.

اي شبكة امان لا تحمي المواطن من تغول السوق والارتفاعات غير المبررة لكل السلع لا قيمة لها. ونتمنى على الحكومة الا تكرر نماذج فاشلة تحدثت عنها الحكومة السابقة من تشكيل لجان وزارية عليا او حديث عن ضبط للسوق، فكل هذا ثبت انه حديث اعلامي لا دلالة له على الارض.

الامان الحقيقي ليس بزيادة موازنة صندوق المعونة بل باقتصاد قوي. وشبكة الامان التي تفشل في حماية الراتب من ان يتحول الى مصروف جيب لا ضرورة لها، واذا لم يكن لدي الحكومة اضافة نوعية وخطوات امان شاملة وحقيقية فلا ضرورة لخطط وشبكات ليس مطلوبا منها اكثر من تسويق عمليات رفع الدعم.

sameeh.almaitah@alghad.jo



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد