يا شباب الوطن ارفعوا سراويلكم

mainThumb

23-03-2008 12:00 AM

أنا شخص مؤمن بشكل كبير بكل قيم ومبادئ حقوق الإنسان الاجتماعية والشخصية ، وخاصة الحقوق الجماعية منها ولذلك فأنا أؤيد تماما التوجهات "غير المكتوبة" التي يعمل الأمن العام على تطبيقها حاليا للتقليص من ظاهرة ارتداء شبان هذا الوطن الحبيب للسراويل المتدلية التي تكشف نسبة لا يستهان بها من "مؤخرات" أبناء هذا الوطن، سبب تأييدي لهذا التوجه هو أنني كمواطن أردني من حقي تماما أن لا أتعرض شخصيا أو تتعرض عائلتي إلى تجربة الاضطرار إلى مشاهدة مؤخرة شخص ما وملابسه الداخلية إذا كان ماشيا في الشارع أمامي أو إذا جاءت لحظة مأساوية قام فيها الشاب بالانحناء إلى أسفل لالتقاط علبة سجائر أو نقود وقعت منه،،

لا أريد أن أعطي محاضرة في الأخلاق ولا في القيم ولا أن أخدع الناس بنظريات مؤامرة صهيونية مبالغ فيها ، لأنني أعرف أن كل جيل من الشباب في هذا العالم وليس الأمة العربية فقط ينبهر بالتقليعات الغريبة في الملابس ، ولدي الكثير من القناعة في حق الشبان بتجربة كل ما هو جديد على شرط أن لا يتضمن ذلك إيذاء الآخرين بالتدخين والقيادة المتهورة مثلا أو الانحلال في العلاقات العاطفية أو إيذاء الذات بشرب المواد الكحولية والمخدرات ، وعدا ذلك من حق الشباب أن يعيشوا حياتهم. ولكنني لا استطيع ابدا استيعاب أن تكون الصرعات الجديدة تتمثل في كشف المؤخرة والملابس الداخلية بهذا الشكل لأن ذلك بالفعل سلوك مشين من الناحية الأخلاقية وحتى من ناحية المنظر العام.

لقد انبهر جيل السبعينات بالسوالف على الوجه وسروال الشارلستون وكان جيل الثمانينات (الذي أنتمى إليه) أكثر تأثرا بالجينز والشعر الطويل ولم أتابع كثيرا جيل التسعينات لأحكم عليه ولكن جيل الألفية الثالثة تجاوز الكثير من الحدود التقليدية في اللباس بحيث لم يعد ذلك مقبولا حتى لأكثر المؤمنين بالليبرالية الاجتماعية.

مشكلة الشباب الأردني ليست المظهر الخارجي بل قلة الاهتمام بالعمل العام والثقافة وعدم وضوح الأهداف التي يريدون تحقيقها ولكننا من المنتسبين للأجيال القديمة نسيء فهم هؤلاء الشباب من خلال تقييمهم بناء على مظاهرهم الخارجية.

قبل اشهر اتصل بي شاب من احدى المدارس الخاصة عارضا فكرة قيمة جدا لنشاط طلابي اجتماعي في مجال حماية البيئة وطلب بعض الأفكار مني. وذهبت للقاء الشاب ومجموعة من اصدقائه وفوجئت في البداية أن الشاب الذي اتصل بي لديه قصة شعر عجيبة من النوع الكث الذي كان يستخدمه الزنوج في الولايات المتحدة. أنا واثق تماما لو أنني شاهدت الشاب قبل أن أتحدث معه لحكمت عليه بأنه شاب سطحي ولكنني بالفعل احترمت كثيرا مدى نضجه وثقافته بالرغم من المظهر الغريب لقصة شعره المستفزة. وكانت نتيجة الجهد الذي قام به نشاطا طلابيا علميا متميزا لم يسبق له مثيل في الأردن.

الشباب الأردني المراهق يشعر بأنه يعاني من سوء فهم وأحكام مسبقة من قبل جيل الآباء والأخوة الأكبر ، وهو جيل تربى على انفتاح مباشر على كافة اشكال الثقافات الشبابية في العالم من خلال الإنترنت والفضائيات وهو يعاني من عدم وضوح أهدافه وتأثره بالعوامل الخارجية وكذلك عدم ثقة المجتمع به. مثل هذه الحالات قد تظهر على شكل تقليعات غريبة في اللباس ولكن من المهم أن يزداد التواصل بين الأجيال وأن يتم منح الشباب المزيد من الثقة وفي نفس الوقت اتخاذ خطوات واضحة ليفهم البعض أن القيام باستخدام تقليعات مسيئة للمجتمع ليس مقبولا وأن حقوق المجتمع العامة أهم من الحقوق الفردية.

ولكنني أريد أن أنهي المقال بالتذكير بحوار دار بيني وبين شاب من اقربائي قبل شهر تقريبا ، وهو في السادسة عشرة من عمره حيث قلت له على سبيل المزاح "كيف ستقومون بتحرير فلسطين وتنمية الأمة وانتم بهذه السراويل المتدلية"؟ فأجابني بكل ثقة قائلا: "لقد رفعتم سراويلكم لمدة أربعين سنة ولم تحققوا شيئا،". هل هو على حق يا ترى؟

batir@nets.jo



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد