الدفع قبل الرفع مرة اخرى

mainThumb

10-12-2007 12:00 AM

خبراء يحذرون من تحول "البطاقة الذكية" الى عقوبات ذكية.

تعكف الحكومة على وضع خطة اعلامية لشرح ابعاد القرارات الاقتصادية المتوقعة بعد رفع الدعم عن اسعار المشتقات النفطية وخطة الحكومة لتعويض المواطنين فيما بات يعرف بشبكة الامان الاجتماعي والتي تقوم على مبدأ شهير تم تطبيقه في السابق هو "الدفع قبل الرفع" يقضي بتقديم قيمة التعويض قبل رفع الاسعار, الالية المقترحة في شبكة الامان الاجتماعي تم وضعها من قبل الحكومة السابقة ويتوقع وزير في حكومة البخيت المستقيلة ان تكون قيمة المبالغ المقدمة للمواطنين متواضعة ويستبعد اجراء تعديلات جوهرية على الالية المعدة نظرا لمحدودية الخيارات المتاحة. الا ان الفريق الاقتصادي لحكومة الذهبي يحاول بشتى الوسائل تطوير خطة حكومة البخيت ومن بين الاقتراحات المعروضة التي تحمس رئيس الوزراء لها استخدام "البطاقات الذكية" كوسيلة لتوزيع المخصصات المالية على المستفيدين من الدعم, لكن خبراء اقتصاديين يبدون خشية من نشوء سوق سوداء للبطاقات وبيعها للتجار لتتحول فكرة البطاقات الذكية الى ما يشبه العقوبات الذكية للمواطنين حيث يتبخر الدعم قبل ان يصل الى مستحقيه ويواجه الفقراء وابناء الطبقة الوسطى موجة غلاء غير مسبوقة بوسائل غير فعّالة.

الوسيلة الافضل برأي الخبراء للتعويض عن رفع الدعم هي بزيادة مباشرة للرواتب توازي نسبة التضخم اخذين بعين الاعتبار ان تأثير معدلات التضخم على الرواتب المتدنية يفوق بشكل كبير تأثيره على اصحاب الدخل المرتفع مما يتطلب وضع معادلة لربط الاجور بالاسعار تراعي هذا البعد الاساسي.

من جهة اخرى ينبغي على الحكومة ان لا تضيع وقتها في اقناع الناس بقرار رفع الدعم عن المشتقات النفطية لان الغالبية العظمى باتت تدرك ان استمرار الوضع الحالي امر مستحيل لاسباب خارجة على ارادتنا. الجهد يجب ان يتركز على وضع خطط فعّالة تصون حياة نحو 80% من الاردنيين من الانهيار جراء الارتفاع المتوقع للاسعار وتآكل الدخل القليل اصلا.

هناك حاجة اولا لتوفير مبالغ مالية اكبر من تلك التي أُعلن عن تخصيصها لشبكة الامان الاجتماعي والبالغة 300 مليون دينار حسب مشروع قانون الموازنة اذ يمكن تقليص الانفاق على المشاريع ومخصصات بعض المؤسسات وتحويلها لتمويل شبكة الامان.

لكن الازمة المقبلة وان كانت ذات طابع اقتصادي فان مواجهتها تتطلب حلولا سياسية ايضا فعندما تتوفر الثقة الشعبية بالحكومات ومؤسسات الدولة ويشعر المواطن العادي ان الدولة تفعل كل ما بوسعها لمساعدته حتى وان جارت على نفسها وتحارب الفساد بجدية وتحقق على الارض مبدأ تكافؤ الفرص فانه سيتفهم الظروف الاقتصادية الصعبة. اما اذا استمرت سياسة التبذير الحالية والمحاباة لصالح الاغنياء على حساب الفقراء وواصل المسؤولون اسلوب حياة يتسم بالبذخ سيكون من الصعب على المواطنين القبول بشد الاحزمة من جديد.

كما ان نجاح الحكومة في تحقيق حالة التوافق الوطني على سياساتها واجراءاتها يعتمد على قدرة الفريق الوزاري في اقناع الرأي العام بتلك السياسات واعتقد ان هذه نقطة ضعف ينبغي الالتفات اليها منذ الان, فمعظم وزراء الحكومة هم فنيون مهرة لكنهم يفتقرون للقدرة السياسية على مخاطبة الجمهور وكسب ثقته عبر وسائل الاعلام.

لقد مرت في الاردن ظروف سياسية واقتصادية اصعب من القادمة لكن الشارع الاردني كان ملتفا حول حكوماته رغم الفقر والجوع الذي يفوق ما هو موجود الآن, الفرق انه كان لدينا حكومات قوية ورؤساء وزارات يتمتعون بثقل شعبي ومصداقية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد