الناخبات خذلن المرشحات في الانتخابات النيابية

mainThumb

30-11-2007 12:00 AM

بالرغم من النتيجة التاريخية المتمثلة في فوز ثاني إمرأة في تاريخ البرلمان الأردني بمقعد نيابي عن طريق التنافس ، وللمرة الأولى خارج الكوتا العرقية والدينية فإن نتائج المشاركة النسائية في الاانتخابات النيابية كانت مثيرة للإحباط سواء من ناحية التصويت أو عدد الأصوات التي حققتها المرشحات.

هذه الانتخابات أثبتت ولمرة أخرى حقيقة لا جدال فيها ولكن الكثير من الحركات النسائية تحاول تجاهلها وهي أن العائق الرئيسي أمام تطور الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية للنساء ليس الرجال بل النساء أنفسهن من خلال التقاعس عن تقديم الدعم والمساندة للنساء اللواتي يخضن المنافسات ويحاولن تحقيق التغيير المنشود.

لقد كان من غرائب الأمور أن نسبة المرشحات من النساء كانت %25 من مجمل المرشحين ولكن لم تحصل أكثر من 10 نساء على عدد أصوات تجاوز الألف مما يعني أن هناك إحجاما هائلا من النساء الناخبات عن دعم النساء المرشحات خاصة وأن نسبة الناخبات هي %52 مقارنة بنسبة %48 من الرجال.

ليس من المنطق أن نخوض في جدل أسطورة "أن المرأة لو كانت كفؤة لحصلت على أصوات كافية" لان هناك من الرجال من لم نسمع عنهم في العمل العام قبل أن نقرأ اسماءهم ونرى صورهم على اليافطات وحصلوا على نتائج كاسحة تجاوزت 8 آلاف صوت بالرغم من وجود نساء أفضل منهم في الكفاءة والمعرفة والثقافة. هناك ثلاثة اسباب رئيسية قد تكون ساهمت في النتائج المتواضعة للنساء:

السبب الأول والرئيسي هو إحجام النساء عن التصويت للنساء إما بدافع التكاسل أو لأن قرار النساء لا يزال بيد الرجال وهو موجه نحو مرشح العشيرة ، أو أن الهيئات النسائية العديدة والتي يقدر عددها بالعشرات وعدد عضواتها بعشرات الآلاف لم تنجح في حشد إمكاناتها وراء النساء وحتى في العاصمة حيث معظم النشاطات النسائية الأهلية والرسمية.

السبب الثاني هو هيمنة القرار الذكوري على العائلة وحتى في ما يخص الانتخابات حيث تصبح قدرة الرجل على حشد نساء العائلة لمصلحة مرشح العشيرة مؤشرا على هيبته ومكانته الاجتماعية ، فكيف يمكن احترام رجل "لا يمون" على زوجته وبناته للتصويت لمرشح العشيرة؟ هذا عار دونه الموت الزؤام ولا يمكن حتى مجرد التفكير بقبول رجل شرقي تقليدي لفكرة أن تصوت زوجته لمرشح آخر سواء كان رجلا أو إمرأة. السبب الثالث إن الفكرة العامة المترسخة لدى المجتمع الأردني عن النائب هي فكرة "الخدمات" ولهذا فمن الأسهل طبعا الاتصال هاتفيا بسعادة النائب أبو فلان للتوسط لحل المشاكل وتحقيق المصالح الاجتماعية بينما من الصعب الاتصال بسعادة النائب "أم علان" في المنزل أو على الهاتف النقال لان تقاليد المجتمع لا تسمح بذلك ومن الأفضل للمرأة أن تبقى في بيتها بدلا من التدخل في أعمال الرجال مثل الجاهات والعطوات والواسطات والتي تشكل جوهر العمل النيابي في الأردن.

بالرغم من كل التنظير والمؤتمرات والخطابات والتوجهات فلا تزال هناك نظرة دونية للمرأة في هذا المجتمع ولا يقع اللوم على الرجل بل أن كل الهيئات النسائية لم تستطع ولو حتى الإتفاق على إنجاح إمرأة واحدة في المدن الكبيرة عن طريق التنافس حتى لو تطلب الأمر نقل أصوات كما كان يفعل الرجال.

لو قامت %20 من الناخبات الأردنيات بالتصويت للنساء لفازت على الأقل خمس عن طريق التنافس ، ولو حشدت المؤسسات النسائية مواردها بدون طغيان الغيرة والحسد والتنافس لكان يمكن دعم مرشحات للوصول إلى البرلمان بدون الحاجة إلى الكوتا وتعطف الحكومة وتكرمها بست مقاعد أو اثني عشر مقعدا كما تطالب الهيئات النسائية.

في نهاية الامر تقف الناخبة أمام صندوق الاقتراع بقلم وبطاقة ، وعندما تختار الغالبية العظمى رجالا يقلون كفاءة عن النساء المرشحات فإن هناك أزمة حقيقية موجودة في ذهن النساء أنفسهن وليس من المنطقي الاستمرار في لوم الرجال على كل شيء.

batir@nets.jo



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد