الخليج مركز العالم

mainThumb

03-12-2007 12:00 AM

يمكن القول إن نهاية الثمانينات كانت تعني انسحاب مركز اهتمام العالم من القضية الفلسطينية بما تعبر عنه من صراع على الشرق الأوسط بين الاتحاد السوفيتي وبين الولايات المتحدة والغرب إلى الخليج العربي بما يعبر عنه من مصالح وتحولات جديدة في العالم والموارد والاتصالات، وفي هذا السياق كانت حرب الخليج الثانية، والحرب على الإرهاب بعد عام 2001، والحرب على العراق واحتلاله عام 2003، وصعود الصين والهند وشرق آسيا، ثم تضاعف أسعار النفط وما يعنيه ذلك من تنافس عالمي سياسي واقتصادي.

القمة الخليجية المنعقدة في الدوحة بمشاركة إيرانية هذه المرة تعني مسائل وتحولات كثيرة في غاية الأهمية، وأمام المؤتمر مجموعة من المسائل والتحديات، مثل العلاقة مع إيران، والنفط، والتنمية الخليجية، والأمن، والعلاقات مع العالم، والوجود العسكري الأميركي والأجنبي في الخليج، وكلها قضايا بالغة التعقيد والتداخل مع الشأن العالمي، بل يكاد يكون الشأن الخليجي شأن عالميا، فالعالم بأسره اليوم مشغول بأسعار النفط وبحالة عدم الاستقرار السياسي والأمني المحيطة بالخليج وبخاصة ما يجري في العراق وباكستان وأفغانستان.

يشكل الوجود العسكري والسياسي للولايات المتحدة في منطقة الخليج العربي والمقترن بالتحالف الإستراتيجي والوثيق مع إسرائيل خطرا حقيقيا على بلدان الخليج العربي وشعوبها، وهو ما لا يمكن تجاوزه إلا من خلال إستراتيجية عربية شاملة تكون قادرة على مواجهة الهيمنة الأميركية الساعية إلى وضع يدها على المنطقة.

وقد اعتبرت الولايات المتحدة الخليج عام 1973 منطقة مصالح سياسية واقتصادية وإستراتيجية، واعتبر رئيسها الأسبق جيمي كارتر أية محاولة دولية للسيطرة عليه هجوما مباشرا على الولايات المتحدة الأميركية نفسها.

وكانت واشنطن تعتمد في حماية مصالحها في الخليج العربي بعد انتهاء النفوذ البريطاني في المنطقة في الخمسينيات على إيران الشاه وإسرائيل، ولكن حرب 1973 ثم سقوط نظام الشاه عام 1979 جعلا الولايات المتحدة بحاجة إلى أن تقوم بنفسها بحماية مصالحها في المنطقة.

وفي أثناء الحرب العراقية الإيرانية عززت واشنطن من وجودها العسكري في المنطقة، وزادت مبيعاتها العسكرية إلى دول الخليج، ثم وقعت حرب الخليج الثانية التي بدأت عام 1990 بالغزو العراقي للكويت والتي أدت في نتيجتها إلى أن تضع الولايات المتحدة يدها على المنطقة.

إن الوجود العسكري لدولة عظمى كالولايات المتحدة يحد من حرية وسيادة الدول الصغيرة غير المتكافئة معها عسكريا وسكانيا واقتصاديا، ويجعل تلك الدولة العظمى شريكا فاعلا في تقرير سياسة الدولة المضيفة داخليا وخارجيا، فلا يحق مثلا للدولة المضيفة أن تعقد معاهدة (عسكرية خصوصا) مع أية دولة أخرى، فقد تعثر على سبيل المثال تنفيذ "إعلان دمشق" الذي اتفق عليه بين دول مجلس التعاون الخليجي ومصر وسورية، ووضع في دمشق يومي 5 و6 مارس/ آذار عام 1991.

وقد ارتبط أمن الخليج وبالتالي الأمن القومي العربي بأمن الولايات المتحدة، وخضعت سياسة التسلح للقرار والرغبة الأميركية، وسهل الوجود العسكري احتلال العراق، فقد انطلقت القوات الأميركية من الكويت نحو جنوب العراق وصولا إلى بغداد، بينما لم تستطع الولايات المتحدة التحرك من الأراضي التركية.

واليوم فإن الخليج المحاط بالأزمات القادمة من إيران والعراق وباكستان، والذي يواجه تحديات تنموية وسكانية بالغة الجسامة يبدو أمام خيارات معقدة، فدول الخليج بعدد سكانها القليل غير قادرة على تحقيق متطلبات التنمية والنمو والاستقرار والاستقلال، وتحتاج لتوسعة مظلة التعاون لتشمل اليمن على سبيل المثال وربما دولا أخرى مثل الأردن أن تقدم على تضحيات مشاركات تبدو غير مستعدة نفسيا لها.

ibrahim.gharaibeh@alghad.jo



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد