قرار غير موفق

mainThumb

03-12-2007 12:00 AM

لم تكن الحركة الاسلامية موفقة في قرارها إلزام المرشد العام السابق لجمعية الاخوان المسلمين عبدالمجيد ذنيبات الاستقالة?Z من مجلس الأعيان و"عدم حسم" الموقف من استمرارية نيابة اعضائها الستة الذين نجحوا في الانتخابات التشريعية. فذلك إعلان بملء الفم أنها تتجه نحو تصعيد الأزمة مع مؤسسات الدولة الرسمية بدلاً من العمل على احتوائها وحلها على أسس تضمن حقها في العمل السياسي الحر وحق الحكومة إلزامها القانون والدستور.

فثمة دلالات سياسية خطيرة لرفض الحركة الإسلامية تعيين ذنيبات في مجلس الأعيان بعد لحظات من أدائه القسم الدستوري وتأجيل البت بقرار الإبقاء على تمثيل الحركة في مجلس النواب. ذاك أن في القرار رسالة واضحة أن الإسلاميين يرفضون المشاركة في مؤسسات الدولة التي يُع?Zيّن أعضاؤها لكنهم يقبلون التفويض الشعبي الذي حصلوا عليه في الانتخابات. وهذا يعني قطيعة مع مؤسسات الدولة لن يفيد منها الإسلاميون وستعكر الأجواء السياسية في البلد.

الواضح أن القيادات المتطرفة في الحركة الإسلامية ما تنفك تصر على التعامل مع الدولة بنِدية تستهدف تسجيل النقاط لا العمل ضمن منهجية تسعى لحل الخلافات على أسس تضمن حق الحركة في العمل السياسي الملتزم الدستور?Z وثوابت?Z البلد نظاماً وكياناً. وقد تكون هذه القيادات انطلقت من اقتناع بأن في هذا التأزيم ارضاءً لقواعد عُبئت رفضاً للحكومة وغضباً عليها فصارت ترى في المشاركة السياسية كفراً. والقرار، إن كان فعلاً وليد قرار بالقطيعة مع النظام السياسي، يشي بقصر نظر وينبئ بغياب وعي سياسي قادر على إدارة الأزمات.

والسؤال المشروع، بل الضروري، طرحه الآن يتمحور حول الخطوة القادمة للحركة الاسلامية والوجهة التي تريد أخذ العلاقة مع الحكومة، والدولة، إليها. فرسالة بحدة الطلب من قائدها السابق الاستقالة من مجلس الملك بعد ان كان ق?Zبِل هو، وقبلت هي، عضويته فيه تنبئ ان الحركة الاسلامية تريد التصعيد وتستعد لمرحلة من التصادم والقطيعة مع الأردن الرسمي.

وهذا يفتح الباب فرضاً على الخيارات المتاحة أمام الحركة الإسلامية، سواء ظلت على مشاركتها في مجلس النواب أم سحبت نوابها، في مرحلة كسر العظم التي يبدو أن المتشددين يقودون الحركة نحوها. وهذه خيارات محدودة ولن تعود إلا بالضرر على الحركة الإسلامية وعلى الأجواء السياسية في المملكة.

ذاك أن حجم الحركة الإسلامية ومنهجيتها وأهدافها المعلنة يجعل البيانات السياسية والتصريحات الصحافية الوسيلة الوحيدة التي تملكها الحركة الإسلامية للتعبير عن قطيعتها مع مؤسسات الدولة الرسمية. وهذا يعني تصعيداً خطابياً لن يكون تصعيدٌ مقابل من الحكومة نتيجت?Zه الوحيدة والأخطر. فتلك ستكون في أثر التأزيم على قواعد الحركة ومحازبيها. فاللغة التأزيمية للحركة ستدفع هؤلاء نحو مواقف أكثر رفضاً للمؤسسات الرسمية وستجعلهم غير راغبين في العمل معها وناظرين دوما اليها عدواً وخصماً تكون العلاقة معه صفرية فإما غالب وإما مغلوب. أي أن شرخاً قد يدفع الى عواقب غير محمودة سيتجذّر في المجتمع. وستكون الحركة الاسلامية الخاسر الأكبر إن وصل الوضع إلى العواقب الأسوأ هذه.

كان يُتوقع من الحركة الاسلامية، الحزب الاوحد المنظّم في البلد، أن تؤسس قراراتها على حسابات بعيدة المدى تستهدف تجاوز الأزمة لا زيادتها تأزيما. فلا شك أن للإسلاميين مآخذ مشروعة على الحكومة. وواضح أن الحركة تشعر أن دورها مستهدف وتخشى مستقبلاً تعتقد أنه سيكون قاسياً عليها. لكن عند الحكومة وباقي مؤسسات الدولة الرسمية هواجس مقابلة. فهم ما يزالون يعتقدون أن الحركة الإسلامية لا تؤمن بنهائية الدولة الأردنية ويقدم بعض رموزها العلاقات مع الخارج على المسؤولية نحو الوطن. أزمة بهذا الحجم يحلها الحوار لا القطيعة والعقلانية لا التسرع.

المصلحة العامة تستدعي أن تعيد الحركة الإسلامية والحكومة حساباتهما حول العلاقة بينهما. وليكن الدستور، الذي يجمع عليه الأردنيون، المرجعية التي تستند عليها جهود يجب أن تنطلق لحل الأزمة. أما الرسائل المشحونة كمثل استقالة الذنيبات من مجلس الأعيان فلن تخدم إلا المتشددين الذين يريدون للأزمة أن تتفاقم. لذلك يجب أن يتراجع الإسلاميون عن قرارهم وأن يُجروا المراجعة الداخلية التي فرضتها المحطات الفارقة التي شهدها العام الحالي خطوةً أولى نحو استيعاب الأزمة. والمصلحة العامة تفترض أن تقابل الحكومة الخطوة بمثلها لتصير المرحلة السابقة عاماً يستفاد من دروسه لا بداية لصدام تُخشى عواقبه.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد