الدولة والاسلاميون: المراجعة الفكرية اولاً

mainThumb

05-12-2007 12:00 AM

تابعت الجدل الدائر في الصحافة وداخل الحركة الاسلامية حول مسألة انسحاب الاسلاميين من مجلسي الاعيان والنواب. معظم ما كتب, يتناول المسألة على انها قضية داخلية في صفوف الحركة تعكس الصراع بين "معتدلين" و "متطرفين" او بين تيارين احدهما يتبنى المشاركة في الانتخابات والحياة البرلمانية مهما اتخذت الدولة من اجراءات ضد الحركة الاسلامية, والتيار الثاني يرى العكس تماما ويفضل القطيعة والانسحاب.

اشعر ان المسألة لم تعد داخلية "اخوانية" وبان المواجهة بين الدولة والاسلاميين وصلت الى منعطف يجعل منها قضية وطنية بامتياز. وشواهد ذلك عديدة منها:

1) تحت شعارات هذه المواجهة تراجع الاصلاح السياسي الذي ورد في جميع كتب التكليف السامي للحكومات منذ سبع سنوات, لكنه اختفى من مهمات الحكومة الجديدة. واصبح الكلام غير المباح, في الاوساط الرسمية والسياسية ان الديمقراطية وتعديل قانون الانتخابات خيار مؤجل او غير مطروح لانه سيؤدي الى سيطرة الاسلاميين في اي انتخابات بلدية او برلمانية.

2) المواجهة بين الدولة وبين الاسلاميين بلغت من الحسم ان تجند الحكومة كل طاقتها من اجل انزال الهزيمة بالاخوان وهي مواجهة اخذت في طريقها قوى سياسية واجتماعية وعشائرية, وكأننا امام حالة واسعة من الاقصاء والتهميش خاصة للنخب مهما كان لونها, إِمّا باسم تفعيل (الاغلبية الصامتة) او تحت شعارات (دفع الشباب) الى الواجهة.

ليس الاسلاميون وحدهم, بل هناك قوى وشخصيات من اجيال مختلفة تشعر اليوم بانها تقف امام طريق مسدود لا يسمح لها بأي دور على الساحة السياسية والبرلمانية. وليس الاسلاميون وحدهم من يفكر بصوت مسموع في الانسحاب من اي نشاط سياسي. هناك قناعة متزايدة بان الاحزاب, لم تعد وسيلة للمشاركة في الحياة العامة, سواء كانت اسلامية ام غير اسلامية. وبان الوصول الى المواقع يدخل فقط من باب المواجهة مع الاسلاميين التي تمتد احيانا لتشمل المحافظين التقليديين والعشائرية بمفهومها السابق في التراث السياسي.

احيانا تذهب المغالاة في التفكير الى تخيل ان انسحاب الاسلاميين, ليس فقط من البرلمان, انما من العمل الوطني كله, قد يكون الحل لحدوث الاصلاح السياسي الديمقراطي المنشود, لانه يزيل الاعذار المبنية على المخاوف التي تترجم الى سياسات تقف امام اي تطور ديمقراطي جذري خاصة في قانون الانتخابات.

بالطبع, اقصاء الاسلاميين تماما فيه من التطرف ما هو اخطر من اي تطرف اصولي او غير اصولي, ولا بد من طريق آخر يؤكد بانه آن الاوان لفتح حوار فكري... سياسي بين الاسلاميين ومختلف القوى السياسية والنخبوية من جهة وبين الدولة للاتفاق على رؤية وطنية شمولية لمستقبل الديمقراطية والمجتمع المدني في الاردن.

مطلوب من الاسلاميين ان يراجعوا مسيرتهم فكريا وسياسيا لاعلان مواقف حاسمة من الدولة الدينية ومن التشريع ومرجعية الدولة والدستور.. الخ. وهي مسائل مطروحة للنقاش العام في مصر.

ومطلوب من المسؤولين ان يتزحزحوا عن مواقع الرفض المطلق لاي دور للاسلاميين في الحياة السياسية. فمثل هذه المواقف تولد التطرف المقابل وتخلق هوة واسعة بين الدولة وبين تيار اسلامي عريض يشكل ظاهرة ليس في الاردن وحده انما في العالمين العربي والاسلامي. واهم من ذلك ان هذه الهوة اصبحت عقبة في طريق التحولات الديمقراطية والاصلاح السياسي.0



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد