خطوة إيجابية بشروط

mainThumb

30-11-2007 12:00 AM

أصوات وأقلام عديدة مؤمنة بالدور الوطني للحركة الاسلامية طالبت الحركة وقيادتها بإجراء مراجعة شاملة لوضعها الداخلي ليس فقط على خلفية ما جرى في الانتخابات النيابية، بل على خلفية ما كان يجري خلال العامين الاخيرين من تجاذب داخلي سجلت بعضه وسائل الاعلام وتحديدا الصحف ذات المصادر المهمة في اروقة التيارات والقيادات.

وما كتبه المراقب العام السابق للإخوان عبدالمجيد الذنيبات الاسبوع الماضي وما سجله من مسؤولية الحركة وخلافاتها عن جزء مما جرى في الانتخابات كان احد الاصوات الموضوعية التي لا تحاول اخفاء الحقائق والتركيز على سبب واحد وهو الموقف الحكومي. وما نقلته الزميلة "عمون" من تقرير للزميل محمد ابو رمان (نشر على موقع سويس انفو) حمل اعترافا خطيرا من نائب الامين العام للحزب بأن الحكومة السابقة اوقعتهم في فخ في الانتخابات النيابية، وكل هذا يضاف اليه ما اصبح معلوما من مشكلات وتجاذبات داخلية.

القرار الذي اتخذته قيادة جماعة الاخوان بحل نفسها قد يكون خطوة بالاتجاه الصحيح للقيام بمراجعة كبيرة، مراجعة حتى لو اقتصرت على اعطاء القواعد حقها في اعادة اختيار قيادتها فهذا يكفي. فالأوضاع في الطبقة القيادية وصلت الى مرحلة لم تعد معها قادرة على اداء دورها. وفي كل دول العالم الجيدة تقوم قيادات الاحزاب الكبرى بمراجعة وخروج للقيادة الراهنة عندما تمر مرحلة صعبة يدفع فيها الحزب ثمنا فادحا، وقيادة الحركة حتى لو لم تكن مسؤولة عن جزء من الخسارة في الانتخابات الماضية الا انها مسؤولة عن غياب القدرة على قراءة المرحلة والتعامل معها كما يجب. ولعل ما قاله نائب الامين العام للحزب من ان الحكومة السابقة خدعت او استدرجت الحركة جزء من هذا الضعف والمسؤولية، ولعل من المناسب ان نقول بصراحة لقيادة الجماعة انها لم تستطع ان تفرض حضورها بحسم ما كان يدور من تجاذبات في قيادة الحزب، ولا ان تقدم نفسها كمرجعية وحيدة للحركة، فلو كان هذا؛ لتجنبت الحركة الكثير من اللغط والاثمان المجانية التي قدمت هنا وهناك.

لتذهب كل القيادات في الجماعة والحزب الى بيوتها بغض النظر عن تصنيفها على التيارات، وليُترك القرار لقواعد الحركة باختيار قيادة جديدة، لكن بشرط ان تتوفر لعملية الانتخابات بكل اماكنها شروط النزاهة، ودون ان تمارس فيها الظواهر السلبية التي تخرج الامور عن نزاهتها، وتجعلها لا تختلف عن انتخابات تشكك الحركة بنزاهتها وإفرازاتها. وحتى لو كان البعض يرى ان الانتخابات الداخلية هدف لتيار او ستعطي القيادة له فليكن فهذا خيار القواعد لتتحمل ثمن القرار.

تحتاج الحركة في هذه المرحلة الى كل صوت يساعد في تجاوز المرحلة الصعبة، فالمجاملة وإخفاء الحقائق والحديث البرتوكولي لا يختلف عما يمارسه البعض من مديح للحكومات والمسؤولين، والخلاف ليس على الدور التاريخي والايجابي للحركة عبر العقود، بل عن واقع تعاني فيه الحركة داخليا ربما اكثر مما يأتيها من خصومها. فالحركة لا تحتاج الى مجاملات بل الى من ينصحها ويقدم لها وجهة نظر، فمن السهل ان تكسب البعض بذكر الايجابيات، لكن الأصعب قول الحق، وهو التضامن الحقيقي مع الحركة الاسلامية؛ فعلى الرغم من كل ما يسجل لها من دور ايجابي سياسيا واجتماعيا الا انها في المراحل الاخيرة بدأت تنفق من رأسمالها الكبير، وجوهر المشكلة انها لم تقم بمعالجة ما ظهر في داخلها من امراض وظواهر سلبية. هذه الامراض التي لا علاقة لها بالسياسة بل مرتبطة بمنظومة القيم والسلوكيات ومعادلات العلاقات الداخلية، وكانت الخسارة في جوهر الرسالة.

اما العلاقة مع الحكومات فهي معلومة من حيث انها علاقة بين معارضة وحكومات، والخطيئة الكبرى ان الحركة مارست هروبا من مشاكلها الداخلية واغمضت عيونها عن عيوبها بحجة الاستهداف الخارجي. ولعل من الظواهر السلبية ان الحركة فقدت "حرمتها" بسبب استعمال البعض من داخلها للإعلام، فأخبارها ومشاكلها ونزاعاتها أصبحت سهلة التواجد في صحف ذات مصادر وعلاقات داخل الحركة.

قيام قيادة الحركة بحل نفسها خطوة بالاتجاه الصحيح، لكن الخطوة الكبرى ان يتم الذهاب نحو معالجة المشكلات الحقيقية وإعادة بناء الهيئات القيادية بنزاهة وموضوعية، والا ستتكرر المراحل السابقة في اوقات لاحقة.

sameeh.almaitah@alghad.jo



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد