أنابوليس ما قبله وما بعده! .

mainThumb

29-11-2007 12:00 AM

لا ضرورة لكل الخوف من انابوليس؛ بأن يضيّع الحقوق العربية والفلسطينية. فهذا المكان الذي استضاف الاجتماع لم يكن مطلوبا منه حل القضية الفلسطينية بل تحقيق جملة أشياء منها ما يسمى اطلاق المفاوضات النهائية بين السلطة الفلسطينية واسرائيل، لكنها مفاوضات لم تكن متوقفة بل هي مستمرة وسبقت انابوليس، وكان عباس ضيفاً أكثر من مرة على مائدة اولمرت، فضلاً عن المفاوضات السرية بين الطرفين.

أنابوليس اراده الفلسطينيون والاسرائيليون مظلة وشرعية لمفاوضات ثنائية مستمرة، ويريدون اطاراً عربيا ودوليا لمفاوضات ثنائية قد لا يعلم العرب الكثير عن تفاصيلها بمن فيهم العرب المتضررون من اي تنازلات.

أنابوليس تمرين بالذخيرة الحية لاعادة اصطفاف في المنطقة حيث ظهرت فيها ايران وحيدة بعدما قفزت القيادة السورية من (مركب الممانعة) وذهبت لتجلس مع الطرف الاسرائيلي وسلطة عباس واميركا وكل المعسكر العربي الذي كانت تتخذ منه مواقف سلبية. وربما لو استمر المشوار السوري من انابوليس نحو اعادة ترتيب موقعها العربي على حساب الولاء لطهران، ربما لو حدث هذا فسيكون هنالك ضحايا ليس آخرهم مؤتمر فصائل المعارضة الفلسطينية، الذي صدرت قرارات الغائه من دمشق كبادرة حسن نية تجاه واشنطن واسرائيل.

ليس مهما او متوقعا ان تخرج لقاءات انابوليس بحل لمشكلة الجولان، بل المقصود هو اعادة ترتيب المعسكرات والتحالفات تماما مثلما حدث عام 1991 عندما شنت اميركا عدوانها الاول على العراق واصطفت قوى عربية كثيرة بما فيها سورية الى جانب الجيش الاميركي في عدوانه على بلد عربي.

انابوليس أرادته اسرائيل لتحقيق بعض أهدافها كالتطبيع من دون ثمن. وحتى لو كان تطبيعا جماعيا فانه بالنسبة لكيان الاحتلال ثمن جيد لا خطوة كبيرة. وهذا النهج عملت عليه اسرائيل في مؤتمر مدريد عام 1991 عندما تحدثت عن مفاوضات ثنائية، والى جانبها مفاوضات متعددة اي التطبيع، ومع كل هذا فإن اصواتا في اسرائيل لم تكن راضية عن هذا التطبيع، لهذا ظهرت مقالات في الأيام الماضية في الصحف الاسرائيلية تتهم الاطراف العربية التي حضرت أنابوليس بأنها لم تجلس مع اسرائيل لأنها تريد السلام او لأنها تحب اسرائيل بل لأنها تواجه ايران، وتريد ان تقف في خندق الخائفين من النفوذ الايراني، أي تريد اسرائيل من العرب غير الموقعين ان يقطعوا الطريق الى انابوليس رقصا وزغاريد واهازيج بمديح اولمرت واسرائيل.

اعتقد ان نجاح اميركا في جمع كل هذا الحشد العربي مع اسرائيل اختبار لقدرتها على تحقيق معسكر جديد تستعمله ادارة بوش خلال العام الاخير من عمرها.

اما حماس التي تحكم غزة فإن خوفها مبرر ومشروع، لكن الخوف الحقيقي ليس من المفاوضات بين السلطة وكيان الاحتلال، بل من تفكك دائرة اصدقاء وحلفاء حماس في دمشق وايران. فدمشق ان كان ذهابها الى انابوليس تحولا في علاقاتها وقفزا من (التايتنك) الايراني فإن هذا سيخلق متغيرات جديدة، طبعا لن يكون تحولا مجانيا. وايران ان شعرت ان الخيار العسكري هو خيار واشنطن فإنها قد تفتح من جديد خيارات المقايضة، وخصوصا وهي تملك اوراقا استراتيجية.

انابوليس يوم واحد لم يكن متوقعا منه تفكيك القضايا المعقدة في الصراع العربي- الاسرائيلي، لكن كان مطلوبا ان يتم هذا اللقاء لدلالاته الاقليمية, فالنهج الذي فرضته اسرائيل منذ عام 1991 كان التفاوض الثنائي وليس المؤتمرات الدولية، لكن انابوليس اصبح تطويراً للقاءات رايس التي كانت تتم مع وزراء خارجية (6) دول. فالأمر اصبح أكثر اتساعاً والاجندة واحدة.

بعض الأطراف العربية سجلت سبقا عندما استطاعت المجيء بسورية الى انابوليس. ولا ندري ما هي كلمة السر! لكنه مجيء أغضب ايران، وربما يحيرها، لكنها لن تيأس في استعادة دمشق من أحضان انابوليس وأصحابه.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد