هيومن رايتس .. هل نستجيب للمطالب الداخلية ام الضغوط الخارجية? .

mainThumb

23-12-2007 12:00 AM

دعوة الدول المانحة لقطع المساعدات ترتقي الى مستوى المطالبة بالعقوبات

قبل عطلة عيد الاضحى اصدرت منظمة "هيومن رايتس" تقريرا حول القوانين المقيدة لحريات المجتمع المدني في الاردن تضمن انتقادات لاذعة للسياسات الحكومية تجاه مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات. وانتقد التقرير بشدة قانون الاجتماعات العامة لعام 2004 والقيود المفروضة على حق التظاهر والاعتصام.

وطالب التقرير باجراء تعديلات جوهرية على القانون المذكور واعادة النظر بمشروع قانون الجمعيات الخيرية المعروض على مجلس النواب وتعديل نظام مراقبة الشركات غير الربحية.

بصرف النظر عن لغة التقرير الحادة فان ما تضمنه من مطالب وما عرضه من مصاعب تعيق حق المواطنين الدستوري في تنظيم المسيرات السلمية هي نفس الملاحظات والانتقادات التي ترد في تقارير منظمات واحزاب اردنية. وقد اشار المركز الوطني لحقوق الانسان الى ضرورة تعديل تلك التشريعات في اكثر من تقرير صدر عنه خلال العامين الماضيين, وخلال مناقشة النواب لبيان حكومة نادر الذهبي طالب اكثر من نائب تعديل قانون الاجتماعات العامة لا بل ان وزراء في حكومات سابقة سجلوا تحفظاتهم على القانون وكان اخرهم وزير التنمية السياسية السابق الدكتور محمد العوران.

كما اظهرت استطلاعات الرأي التي اجراها مركز الدراسات الاستراتيجية ومراكز بحثية اخرى ان غالبية الاردنيين لا يشعرون بان حق التظاهر والاحتجاج السلمي مكفول بالقانون ويخشى اكثر الناس حسب تلك الاستطلاعات انتقاد الحكومة او المشاركة في مسيرة سلمية تحسبا من تعرضه للمساءلة او فقدان وظيفته.

ان الصورة السلبية لواقع الحريات في الاردن التي عكسها التقرير لا تعود فقط الى تخلف التشريعات النافذة وانما الى التعسف في تطبيقها خاصة قانون الاجتماعات العامة, فقد استخدم المحافظون صلاحياتهم في منع ترخيص المسيرات بطريقة غير مبررة مرات كثيرة واصبح الرفض هو القاعدة بينما السماح بتنظيم المسيرات هو الاستثناء خلافا لنصوص القانون, وباعتراف مسؤولين في الحكومة فان قرارات منع المسيرات كانت تضر بسمعة الاردن وتعطي المعارضة فرصة الظهور بحجم يفوق حجمها الحقيقي, كما ان المرات القليلة التي سمح فيها للمعارضة بتنظيم مسيرات او اعتصامات اكدت ان المخاوف من حدوث تجاوزات امنية ليست في محلها.

لكن بعض المطالب التي وردت في تقرير "هيومن رايتس" لم تكن مفهومة او مبررة خاصة تلك المتعلقة بدعوة الدول المانحة "الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة" بوقف مساعداتها الاقتصادية للاردن كوسيلة ضغط لتعديل القوانين المقيدة للحريات. دعوة كهذه ترتقي الى مستوى المطالبة بفرض عقوبات على الاردن وقد اثبتت التجارب السابقة عدم نجاعة اسلوب العقوبات في دفع الدول الى تغيير مواقفها او سياستها وفي اغلب الاحوال الضغوط الاقتصادية تدفع بالحكومات الى التشدد اكثر في سياساتها الداخلية, ناهيك عن الاضرار المترتبة على حياة الناس العاديين جراء قطع المساعدات الاقتصادية.

كما تجاهل التقرير حاجة مؤسسات المجتمع المدني لاصلاح انظمتها الداخلية لضمان توفير اعلى مستوى من الشفافية والرقابة. اذ لا يعقل ان تطالب مراكز ومؤسسات محسوبة على "المجتمع المدني" بالديمقراطية في المجتمع وهي تفتقر لادنى اشكال المساءلة والمحاسبة الداخلية ولا تديرها هيئات منتخبة ولا تخضع حساباتها للتدقيق من جهات مستقلة وقد جاء نظام مراقبة الشركات غير الربحية لسد هذه الثغرة في عمل المراكز التي تتلقى تمويلا اجنبيا وتحوم الشكوك حول اوجه انفاقه.

ان اعلان "هيومن رايتس" تقريرها في عمان يعد خطوة متقدمة تعكس نوايا رسمية طيبة للمستقبل تستدعي من الحكومة البناء عليها والتعامل مع ما صدر عن المنظمة الدولية بموضوعية بعيدا عن لغة الاتهام والتشكيك المعهودة والشروع فورا في اجراء مراجعة القوانين المعنية استجابة لمطالب داخلية وليس لضغوط خارجية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد