حديث ما قبل العام الجديد

mainThumb

23-12-2007 12:00 AM

نقترب من العام الجديد بعدد من الاعياد والمناسبات السعيدة التي تجمع المسلمين والمسيحيين في هذا البلد على تبادل التهاني والتمنيات. هناك مناخ من التفاؤل رغم ان الجميع يعلمون بانهم مقبلون على قرارات اقتصادية صعبة مثل رفع الدعم عن المستوردات النفطية, واسباب هذا التفاؤل قد تعود الى ان الحكومة الجديدة قدمت وعودا بزيادات مناسبة على الرواتب, كما ساهم استقرار الاسعار في العيد بتحسين المناخات الشعبية مما يثبت, مرة اخرى, ان السيطرة على الغلاء بشتى الطرق له تأثيرات ايجابية كبيرة على مزاج الناس.

نستعد لاستقبال العام الجديد, بعد جملة تغييرات في المنظومة السياسية والتشريعية للحكم, انتخابات نيابية, ومجلس اعيان جديد وحكومة جديدة. لكن تأثير هذه التغييرات لم يشغل المجتمع كثيراً بالقياس بانشغالاته بالاوضاع الاقتصادية وقصص الرواتب وسعر اسطوانة الغاز بعد رفع الدعم المتوقع.

من هذا الواقع يمكن القول, انه وحتى اشعار آخر, ستكون الحكومة لا مجلس الامة بجزأيه محل اهتمام الرأي العام الاردني, فالحكومة او السلطة التنفيذية هي التي تملك القدرة على تحسين معيشة الناس او التضييق عليهم, وهناك قناعة متزايدة بان مجلس النواب هو في اضعف حالاته منذ انتخابات عام ,89 وان كل شيء بيد الحكومة ووفق ارادتها, ولم يعد الحديث عن الاصلاح مقنعاً بل ان وزارة التنمية السياسية اصبحت خارج السياق ومن تجارب الماضي غير الناجحة.

مع ذلك, المجتمعات لا تموت ولا تتراجع الى الخلف وهي مثل النهر في مسيرتها التاريخية سرعان ما تبحث عن مجرى جديد اذا اعترضها سد او حاجز او كومة من انهيارات جانبية. والمجتمع الاردني الذي يتطور بشكل افقي وعمودي مع فجر كل يوم بما يمتلك من مقومات التعليم والعمل والتنمية سيواصل سعيه الى تحقيق الاصلاح في جوانب اخرى من حياته. فالاصلاح ليس ماركة مسجلة للسياسة والسياسيين فقط, انما هو عقيدة تطور وتقدم وجزء من هوية البشر والشعوب الساعية لموقع كريم في الحضارة الانسانية.

اذا كان الاصلاح متعذراً في المواقع السياسية المتقدمة من السلطتين التنفيذية والتشريعية فانه يكون ممكنا في اطار المجتمع المدني ومؤسساته التعليمية والثقافية والصحية والانتاجية. ومن المهم, على سبيل المثال, ان يتلقى المجتمع باهتمام ما يطرح من افكار ورؤى ومشاريع لتطوير التعليم بجميع مراحله. فهذا القطاع الرئيسي في التنمية البشرية والاقتصادية, واجه خلال السنوات الاخيرة كثيرا من المحن والقرارات الخاطئة التي اثرت على مستوى التعليم, كما اثرت على القطاع الجامعي بشكل خاص. حتى شاهدنا عشرات الالاف من الطلبة الاردنيين يرحلون الى جامعات السودان واليمن بينما جامعات عمان واربد والجنوب ترزح تحت ضغط قرارات تربوية خاطئة وضارة بالبلد ومستواه التعليمي وحتى باقتصاده.

الاصلاح مطلوب ايضاً في مجال التأمين الصحي الشامل بعد ان تحول هذا الموضوع الى شعار تطلقه الحكومات للحديث عن انجازات غير مرئية ولا ملموسة. واذا علمنا ان 47 مليون امريكي هم خارج مظلة التأمين الصحي الشامل ندرك بان الادعاء بتوفير (تأمين) لكل اردني يحتاج الى تدقيق ومراجعة وقبل ذلك الى حسن ادارة وتنظيم.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد