وعود النواب حساب بيدر أم سوالف حصيدة ؟ .

mainThumb

08-12-2007 12:00 AM

هل تطابق حساب الحقل مع حساب البيدر !! في المجتمع الزراعي تكون الأراضي واحدة من أهم وسائل الإنتاج يليها البذار و أدوات الزراعة والحصاد والقوة العاملة وعند حصاد الغلال تتجمع في منطقة معدة خصيصا تسمى " البيدر " وهو المنطقة الغير صالحة للزراعة وعادة ما تكون صخرية ، وتتم فيه جميع عمليات فصل الحبوب عن القش ، والبيدر شبيه بالمقرات الانتخابية و القوة العاملة شبيهه بالحملة الانتخابية و عناصرها من البداية حتى النهاية .

توزيع ناتج الغلة : عند موسم توزيع الغلال على أرض البيدر يؤدي المالك ما استحق عليه من دين إذ تتوزع على الأصناف التالية : 1-الحراث ؛ الذي يقوم بحراثة الأرض . 2- القطروز ؛ تساعد الحراث ويقوم بأعمال الخدمة والسخرة 3- المخطز ؛ حارس الحقل . 4- الحصاد والعشاب . 5- أصناف أخرى كالبقال واللحام والحلاق والداية التي تساعد النساء في الولادة وحصة لليتامى والأرامل وتصبح البيدر كالبورصة .

وهذه الأصناف تتشابه مع العاملين في الحملة الانتخابية أو ما يسمى بالمؤازرين !! فهناك ناشطين وقطاريز وحراس ومروجين وحسبة البيدر هنا لكل شخص اختص بعمل وأجاد فيه" والأجر على قد المشقة " في العملية الانتخابية . وهناك مكاييل لكيل الغلال كالصاع والذي يساوي ( 0.5 مد) والمد والنصمد .......الخ . ولا يقتصر البيدر على الغلال بل إن هناك غلال أخرى تباع في معاصر الزيتون كالزيت والزيتون وكذلك الفواكه بكافة أنواعها ولا تخلو هذه الغلال من مخاطر أهمها الآفات الحشرية وأهمها الجراد الذي لا يبقي ولا يذر وأحوال الطقس وتذبذب الأمطار وغير ذلك ، وتبدو ظاهرة الكيل بمكيالين واضحة عند كل من النائب وناخبيه التنصل من الالتزام بمحتوى الشعارات والبرامج الانتخابية والتحالف مع مراكز النفوذ الحكومية ومراكز رأس المال بم تمليه المصلحة الشخصية . سوالف الحصيدة !! يصاحب جني المحصول بكافة أنواعه بمجموعة من السلوكيات والطقوس والعادات باعتبارها موروث ثقافي ضاربة جذوره في القدم و ما يطلق عليها قصص شعبية ، وتعد سوالف الحصيدة عادة لتخفيف طول الوقت وتبعث المرح والنشاط ، ولكن هذه الظاهرة قد أخذت منحنى سياسي واقتصادي ونفسي واجتماعي و أصبحت ذات دلالات معينة !! ولا تخلو هذه السوالف من الأساطير والخرافات ، " والأسطورة هي كل شيء يناقض الواقع وليس له في هذا الواقع وجود !! ومن أشهرها : ملحمة أبو زيد الهلالي ، سيرة بني هلال ( الإنسان الخارق ) ملحمة الزير سالم ( المهلهل ) ، والعنقاء ( الطائر الأسطوري ضخم ) " و تعد العنقاء من المستحيلات الثلاثة وهي : " الغول والعنقاء والخل الوفي ". الغول: كائن خرافي عدو للإنسان وأنثاه " سلوعية " آكلة لحوم البشر ، علاء الدين " بطل أسطورة مصباح سليمان وردت في ألف ليلة وليلة ..... وهناك الكثير من هذه القصص الخرافية والأساطير .

و في حال النواب هناك منطق غير مقبول عندما يقدم للمواطن مادة فيها من الخيال و الوهم و الأساطير و الخرافات الشيء الكثير و بات معها النائب قادر على كل شيء ، و تبدو واضحة في البرامج و الإعلانات المليئة بالأكاذيب و النفاق و الوعود البراقة و يدخل في باب المزايدة السياسية و باب الشعارات التي لا تسمن و لا تغني من جوع !! .. و في ظل هذا الخداع الملون يحصل من المواطن الناخب على التأييد و المبايعة .

المقايضة : وهي مبادلة سلعة بسلعة أو خدمة بخدمة أو سلعة بخدمة كمبادلة ماشية بقمح أو تسخير بعض الأفراد أو حيواناتهم مقابل مواد عينية دون استخدام النقود، بمعناها المتقدم تستوجب المقايضة سوقا معينة تتقابل فيه رغبات " العرض والطلب " في زمن معين وبطرق محددة مثل :- الهدايا التي ارتبط بالمواسم والأعياد وغيرها في المناسبات وفي نظر المهدي والمهدى إليه إذ تعتبر دينا واجب الوفاء !! وتظهر المقايضة بشكل واضح بين النائب والوزير ، النائب يراقب الأداء الحكومي ويحاسب ويعطي الثقة ، بينما الوزير يعتبرها تبادل منفعة وتغدو وكأنها عملية ابتزاز الوزير للنائب واستجداء النائب للوزير ولكي يرضي النائب ناخبيه نجده يتردد دوما على مكاتب الوزراء ورؤساء الدوائر طلبا لخدمة أو منفعة ويعد هذا السلوك خللا في دور النائب وقراره في المناقشات داخل المجلس !!لتحقيق المكاسب الشخصية وتتنوع معه أنواع الفساد السياسي وأكثرها شيوعا المحسوبية والرشوة والابتزاز وممارسة النفوذ والاحتيال !! التملص من الوعود فساد المال السياسي الذي يمثل العملة الورقية والأرصدة والشيكات مزايا مادية أما المزايا العينية فساد من نوع آ خر ومن أمثلتها الوعود بإيجاد وظائف للعاطلين عن العمل والترقيات والانتقال من إقليم لآخر وزيادة المرتبات والحوافز المادية والمعنوية ، الوعود ضمن الأخذ بالعهد القاطع أمام الأفراد أو جماعات العشائر بأخذ قوائم لمن يريد التعيين وإيجاد وظائف عليا ولكن هذا الطلب يتحقق بعد الفوز بالمقعد .... والنائب الذي لم يحالفه الحظ يكون في حل من كل هذه الوعود !!! أما النائب الفائز فيبني مسارب للهرب والتملص من الوعود ناهيك عن " الجرجرة والتدويخ " في ممارسة أساليب مراوغة مع من انتخبوه ونتيجة لهذه الأعداد التي لا تحصى من الوعود المنكوثة يسخط الناخبين في جو الشك وعدم الثقة ، وتتبخر هذه الوعود وتتلاشى كما تتلاشى سوالف الحصادين الخرافية والأساطير ويتمنى النواب لو أن الانتخابات حصلت في شهر نيسان لتصبح معها هذه الوعود " كذبة نيسان " وعند سؤال رجل الشارع عن دور النائب يجيب أنه يقدم خدمات لدائرته التي يمثلها ويحل مشاكل ناخبيه مع الجهات والمصالح الحكومية التي تحتوي على غابة من القوانين والقرارات التي تحكم حاجات المواطن بالجهات الرسمية والخدمية بحيث يواجه المواطن متاهات ومصاعب لا يعرف من أين يبدأ ومن أين ينتهي ؟ فيندفع لطريق البحث في الأبواب الخلفية وأما البحث عن واسطة مؤثرة تضع المطالب على مكاتب أصحاب القرار ويختلط الحابل بالنابل ويستوي الحق بالباطل .

أما المرشح الذي لم يحالفه الحظ فيخرج بمبررات غير مقنعة تجعله لا يثق بأحد وتدفعه هذه الأمور لكي ينأى بنفسه عن مسرح الحياة الذي يستحيل في نظره إلى مجرد مسرحية هزلية منفردة ضعيفة الممثلين ، سخيفة الإخراج ، باهظة الإنتاج والتكاليف ، كان دوره فيها دفع ثمن مشاركة مملة ، وإكراه على التصفيق على مشهد بائس وحزين ، حاله كحال من يحصد في الهشيم !! القاسم المشترك بين النائب والناخب والنائب ومراكز القرار : حتى لا يكون العمل النيابي تمنيات وأساطير أو خرافات وسوالف حصادين ؛ يلزم العمل ببساطة ضمن الدستور واللوائح القانونية و التزام النائب ببرنامج انتخابي واقعي ومعقول و ابتعاد المرشح عما يخيل للسامع والمتلقي أن دخول هذا المرشح للمجلس سيحول الدائرة إلى جنة وأنه يمتلك العصا السحرية لحل جملة من المشاكل لحظة دخوله البرلمان .

إن الالتزام بالقوانين يمنع الالتفاف حول القوانين والقرارات واللوائح المتعددة . ومن الواضح أن التعقيدات الإدارية التي تقف أمام المواطن هي التي تدفعه إلى الرشوة والالتفاف على هذه القوانين ، يتضح هذا من إفراط النواب في منح جملة من الوعود المختلفة للمواطنين التي يصعب الوفاء بها .

وتفعيل القضاء يعد مرادفا لعمل السلطة التشريعية ومساعداً على الحد من الفساد المالي والإداري الذي يواجه السلطتين التشريعية والتنفيذية .

إن المعيار الأدبي و الأخلاقي يدعو النائب للالتزام بشرف واجب المهنة النيابية سواءً على صعيد التعاون مع السلطة التنفيذية " بعيداً عن المنفعة و المصلحة الشخصية " أو بالتعامل مع الناخبين بمساعدتهم بحل المشاكل دون المساس بحقوق الآخرين و الوفاء بالوعود المنطقية البعيدة عن الوهم و الخيال و الخرافات ، و إلا تصبح هذه الوعود كأساطير و خرافات و سوالف الحصادين وعندها فلن يتطابق حساب الحقل مع حساب البيدر !!! .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد