الهدنة والدولة المؤقتة .. بين حماس وعباس

mainThumb

08-12-2007 12:00 AM

أيهما أخطر على المصلحة الوطنية الفلسطينية العليا ، الاعتراف بإسرائيل مقابل دولة فلسطينية مستقلة على حدود حزيران 1967 وعاصمتها القدس والتوصل لحل متفق عليه لقضية اللاجئين وفقا للقرار 194 ، أم القبول بدولة فلسطينية بحدود مؤقتة ، من دون الاعتراف بإسرائيل في المقابل ، ومن دون حل قضية اللاجئين أو القدس ، مقابل هدنة طويلة ممتدة لعشرين أو ثلاثين عاما؟
الخيار الأول ، هو خيار السلطة والمنظمة ، هو برنامجهما الوطني ، دافع عنه الرئيس عباس قبل أنابوليس وفي أنابوليس ، ورفض كما كشف بالأمس اقتراح دولة فلسطينية بحدود مؤقتة ، تتوقف غربا عند حدود جدار الفصل العنصري ، معللا ذلك بالخشية من تحول المؤقت إلى دائم ، وهو الدرس المرير الذي تعلمه الفلسطينيون في صراعهم المرير مع إسرائيل ، فكل مؤقت أو انتقالي ، يتحول إلى أمر واقع دائم ، لا مهرب منه.
الخيار الثاني ، هو الموقف الذي تدافع عنه حماس ، داخليا وفي الاتصالات والمبادرات التي يجري تبادلها عبر الوسطاء العرب ، وعبر التلميحات والتصريحات ، ومن خلال قنوات اتصال نشطة ، تقول حماس بأنها مفتوحة على مصراعيها مع الأوروبيين خصوصا.
أول مرة - على حد علمنا - تقدمت فيها حماس باقتراح الهدنة طويلة الأمد كانت في العام 1997 ، وبالتحديد قبل ثلاثة أيام من محاولة الاغتيال الفاشلة التي تعرّض لها خالد مشعل في عمان ، وبوساطة الملك الراحل الحسين بن طلال ، يومها لم يكن المقابل المطروح دولة على كل الضفة أو معظمها ، بل بقاء الوضع القائم آنذاك على حاله ، أي بقاء السلطة الفلسطينية على أقل من نصف الضفة الغربية وأكثر من نصف القطاع الذي لم يكن قد ودّع مستوطنيه بعد.
عاودت حماس عرض الفكرة ذاتها ، ولكن بطريقة احتفالية كرنفالية ، من خلال تسويق وهم "التحرير الأول" لقطاع غزة ، عندما قرر شارون الانسحاب من جانب واحد عن القطاع ، حماس تلقفت المبادرة وأعادت تقديمها للرأي العام الفلسطيني بوصفها انتصارا مؤزّرا لمقاومتها ، ولا ندري لماذا لم تستكمل حماس تحرير القطاع بتحرير المعابر وفك أسرها ، لتجنيب نفسها وشعبها عناء دفع الأثمان الباهظة التي تدفعها جراء توقف جحافل التحرير عند حدود المعابر الدولية في رفح وإيريتز وكارني.
اليوم ، ومع اشتداد قبضة الحصار والعقوبات على قطاع غزة ، بعد "التحرير الثاني" ، فإن حماس تبدو أكثر استعدادا للهدنات والتهدئات ، حتى أنها تتعرض لعمليات قتل واغتيال يومية ، من دون أن ترد بعمليات "مزلزلة" كما كانت تفعل أو تلوح بذلك من قبل ، والأرجح أن مساحة الدولة المحررة مقابل هذه الهدنة ربما تتقلص إلى 365 كيلومترا مربعا ، بعد أن ارتضت الحركة بان تكون حدود إمبراطوريتها (أو خلافتها) هي ذاتها حدود القطاع المنكوب.
شروط حماس للهدنة ستتراجع وتتقلص ، وربما ستتماهى مع شروط بقائها في السلطة ، أو تتواضع إلى درجة "حفظ ماء الوجه" ، والهدنة ستظل خيار حماس طالما بقيت في السلطة ، فقد ولّى ذلك الزمن الذي كانت فيه حماس تنفذ عمليات من "العيار الثقيل" مطمئنة إلى أن الانتقام الإسرائيلي سيتحقق على حساب فتح والرئاسة وعرفات المحاصر والأجهزة الأمنية المدمرة ، أما اليوم فإن حماس تدرك أنها وحدها ، ستدفع ثمن ردودها "المزلزلة" ولهذا السبب تطغى "العقلانية" على سلوك الحركة والكتائب والأذرع ، وبصورة مبالغ فيها ، ويتحول شعار "الوحدة الوطنية" إلى وسيلة للدفاع عن الذات وطلب الحماية ودرء خطر المزيد من العزلة ، وتفادي غضبة الشارع الجائع والمحبط والمحاصر.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد