المواطن يدلل صوبة الحطب مع ارتفاع الاسعار

mainThumb

09-02-2008 12:00 AM

كتبت – مهيرة مقدادي

احتل موضوع الصقيع الذي اكتسح البلاد مركز الصدارة في الصحف اليومية والتقارير الإخبارية، والمقالات المنشورة في الصحف المكتوبة والإلكترونية. وبات هذا الحدث هاجس المواطنين على اختلاف فئاتهم ومراكزهم الاجتماعية، والاقتصادية.

كثرت الحوادث وتفجرت الأنابيب ، تجمدت المياه وارتفعت أسعار الخضار بشكل خيالي. تبع هذه الموجة الصقيعية مباشرة ، هبوب جديد لارتفاع جديد في أسعار النفط .وككل الظروف الطبيعية وغير الطبيعية تجرعها المواطن بصمت ومضى بنزفه المميت حاملا على كتفيه عجزه عن تغيير ما آل إليه حاله.

لو حدث هكذا ارتفاع في أسعار النفط في فترة الصيف لكان وقع الوطأة أقل حدة على كاهل المواطن ، وأرحم قليلا من تجرع كارثتين في ذات الوقت على ذات الرأسضربتين بالراس يوجعوا ولكن وككل المرات يخرج المواطن الباسل بانتصارات تعيد الكوارث إلى خممها مكسورة مدحورة.

وهذه المرة اجتاز مواطننا الكريم معضلتين معا بإعادة إحياء مدفئة الحطب وإعادتها إلى سابق عهدها حين كانت هي السيدة المدللة قبل اقتحام صوبيات الغاز والكاز . أعادها المواطن بكل فخر إلى حيز الوجود وجاد عليها بكل ما تطاله يده القصيرة .

لا يتوقف عن تلقيمها الحطب ،الورق، كتب الصغار وقصاصات أحلامهم ، أقمشة الفتيات وتنانير حمر وصفر كانت مخبأة لليلة صيف حميمة، أحذية أقدام اعتادت العري حتى وان اندست داخل حذاء! مخدة عرس شهدت التقاء رأسين وحضنت أول قبلة وأول عناق في أول ليلة .

ولم يتوقف المواطن عن تدليل مدفأته ، إيمانا منه أنه كلما دللها أكثر كلما ازدادت وهجا ، فتدفئه وتملأ الجو بعبق الدخان الأسود. ولم يعبأ المواطن يوما بولولات الزوجة المنكوبة وترجياتها ليعتق البيت بمخداته وفراشه ، ولا بأحلام الصغار المتجمدة خارج المدفأة والمحترقة داخلها . لم يعبأ المواطن حتى بالطيور في السماء الباتت بلا مأوى يقيها المطر والبرد بعد أن قطع الأشجار واستنزف كل عود حطب وصلت إليه يده القصيرة على ارتجافها .

في حضرة الصقيع وغلاء النفط شهدت الأراضي الزراعية حملة تجريد من كل الأغصان التي يمكن تجريدها منها بدعوى التقنيب. كما وشهدت الغابات حملات اغتيالات لأشجار يعود عهد وجود بعضها إلى العهد الروماني.

ورغم وجود القوانين التي تمنع قطع أشجار الغابات ، الا ان وكما أوضحنا سلفا فان المواطن على استعداد لركوب الموج بهدف تدليل المدفأة الوحيدة القادرة على توفير بعض من الدفيء غير المكلف له. لا خوف على مواطننا العبقري القادر على التكيف وتدبر الأمر حتى في ظل أكثر الظروف صعوبة ولكن ... الطيور ، كيف لها أن تتصدى للتغييرات المقبلة عليها ، وهل من الممكن أن تجد الطيور طريقة تستطيع بها العيش معلقة ما بين الأرض والسماء حاملة أعشاشها على ظهورها مرفرفة بأجنحتها حتى آخر يوم في حياتها !!!



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد