كارنغي ومقاربات تجارب الإصلاح في العالم العربي - الأردن أين? .
باستثناء نظام البعث العراقي, تتجه غالبية الأنظمة الحاكمة في العالم العربي, للنجاة- أو هكذا يبدو حتى الآن- من موجة التحولات السياسية التي هزّت العالم عقب انهيار "الستار الحديدي" بين الشرق والغرب مطلع العقد الماضي. تلك الأنظمة أطلقت "صيحات" إصلاحية على إيقاع إلحاحات الغرب, لكنها كانت موجهة أساسا نحو فتح الاقتصاد ومعالجة الشؤون الاجتماعية بدلا من بناء قاعدة ديمقراطية لتبادل السلطة ضمن نظام سياسي متطور.
هذا التشخيص تضمنته آخر دراسة عن معهد كارنغي للسلام في واشنطن تحت عنوان - "الأنظمة الحاكمة ومأزق الحكم في العالم العربي: وعود ومخاطر الإصلاح الهرمي".
تتفاخر غالبية الدول العربية بالحديث عن الإصلاح السياسي لكن التركيز ينصب على الكم وليس النوع بعيدا عن توزيع السلطات الحقيقية على مؤسسات لإعادة توزيع السلطة حتى لا تخرج الأمور من عقالها.
معادلة القيادة لم تتغير وسط تفاقم ثالوث الفقر, البطالة والفساد, ربما باستثناء الدول النفطية التي تعزز لديها تنفيس المال والعمل.
من جانب تحققت بعض التغييرات السياسية بالفعل: فمثلا أصبح عدد الأحزاب السياسية في معظم الدول العربية اليوم أكثر مما كان عليه قبل خمس عشرة سنة, كما ازداد عدد الدول التي تجري انتخابات عامة, ولو تفاوتت نوعياتها, وتوفرت إمكانية الحصول على المعلومات وتحسنت نوعية المناظرات السياسية في العديد من هذه الدول.
إلا أن السلطة تبقى ثابتة اليوم حيث كانت: بأيدي الزعماء من دون منازع.
يبدو أن أنظمة الـ 22 لم تتعلم من سياق التاريخ والتحولات الجمعية. لذلك ظلّت هذه المنطقة الأبعد عن الديمقراطية ومبدأ تداول السلطة.
في سبعينيات القرن الماضي, زحفت دول جنوب أوروبا من اليونان حتى إسبانيا صوب الديمقراطية بعد مخاض من الحروب وصراعات الجنرالات. في العقد التالي, انسحبت تجربة مماثلة على دول أمريكا اللاتينية فتقهقر الجنرالات والحزب الأوحد أمام تقدم صناديق الاقتراع.
إلا الدول العربية ظلّت متمسكة بانظمة ما بعد الاستعمار وبقيت عصيّة على التغيير الداخلي أو الدعوات الخارجية حتى بعد غضبة المارد الأمريكي عقب أحداث 11 أيلول .2001
معظم الأنظمة وبطاناتها ظلت في الحكم لفترة طويلة. وبينما تحولت الجمهوريات إلى ما يشبه الأنظمة الملكية الوراثية, تعززت قبضة الزعماء بدلا من التخلي عن بعض الصلاحيات لسائر مؤسسات الدولة ومجالس منتخبة.
ففي البلد الذي يحكمه نفس القائد لحقبه طويلة من المرجح أن يخلفه ولده في الحكم.
حسني مبارك السبعيني يمسك بزمام السلطة في مصر عقب مقتل أنور السادات في خريف1981 ومن المرجح أن يخلفه ولده جمال مبارك بعد وفاته.
العقيد معمر القذافي تعلم من أخطاء صدام حسين ومد يده للغرب مباشرة بعد انهيار نظام بغداد في ربيع2003 هذا الرجل-العسكري يدير دفّة الحكم في ليبيا منذ أربعة عقود ما يجعله الأقدم بين الزعماء العرب- في حين ينتظره ابنه سيف الإسلام وراء الكواليس.
ولا يزال الرئيس زين الدين عابدين بن علي يتربع على سدة الرئاسة في تونس منذ خلع سلفه المخضرم الحبيب برقيبة عام.1987 كذلك ما يزال علي عبدالله صالح يحكم اليمن, والعائلات الملكية في دول الخليج ما تزال ثابته في مكانها رغم أن العدد الهائل من أعضائها والتنافس بينهما يجعل من الصعب التكهن بدقة بمن سيفوز بسدّة الحكم لاحقا.
وبعد مرور عشر سنوات على حرب أهلية في الجزائر أعيد تنصيب عبد العزيز بو تفليقه كرئيس, وهو الذي كان أول وزير للخارجية بعد الاستقلال.
أما في المغرب والأردن فقد انتقل العرش إلى الأبناء عام 1999 كما كان متوقعا. وكذلك في سورية الجمهورية عام2000 .
أغلب القادة ومناصري الإصلاح في أنظمة الحكم يدركون أن العالم يتغير بسرعة سياسيا واقتصاديا وأن على بلدانهم أن تتطور وتتكيف لتزيد من قدرتها على المنافسة من خلال سياسات ليبرالية اقتصادية مترافقة مع فعالية إدارية.
لكن العملية المفضلة, بحسب دراسة كارنغي, تبقى من خلال الإصلاح المدار من أعلى الهرم بهدف إدامة سيطرة سياسية متينة وسط حركة تحديث سريعة للتعامل مع البيئة التنافسية للاقتصاد العالمي.
في الذاكرة العربية مصير شاه إيران الذي يوفر مثالا جليا عن النتائج غير المقصودة للإصلاحات المعتمدة من أعلى الهرم إلى أسفله.
فقد شجّع الشاه إنطلاق "ثورة بيضاء" لعصرنة البلاد. لكنه خلع من منصبه على يد حركة استندت إلى الدين ونمت على الأقل جزئيا نتيجة الاضطراب الذي ولدته هذه الإصلاحات. وبصورة ممائلة أدت قيادة البيروسترويكا التي انشأها ميخائيل غوربتشوف إلى سلسلة من الأحداث الكارثية (من وجهة نظره) توجت بخلعه من منصبه.
وهذا ما يثبت أن "مأزق الحكم" يشكل خطرا يتعرض له الإصلاحيون بغض النظر عن النظام السياسي الذي يعملون ضمنه.
لذا فأن أيا من الحكام الشباب الذين وصلوا إلى سدة الحكم أخيرا لم يتبع أي برنامج.
عمل إصلاحي سياسي-تحولي مستدام.
تميز دراسة كارنغي بين ثلاثة أنماط رئيسية للتحديث تديره الأنظمة التي عليها التعامل مع التوقعات الداخلية والخارجية.
الأول يتعلق بإصلاح المؤسسات السياسية على نحو يبرز صورة التغيير, لكنه لا يستتبع بإجراءات ذات شأن من إعادة توزيع السلطة, وهذا ما يشير إليه عرب كثير في الخليج بعبارة "نموذج البحرين" إلا انه يظهر أيضا ولو بشكل مختلف في مصر.
نمط ثان من الإصلاح يتصل بالقضايا الاجتماعية لا سيما في ما يتعلق بالأحوال الشخصية وأحيانا بالحقوق الفردية, ولكنه لا يعالج مسألة إصلاح المؤسسات السياسية بطريقة ذات معنى. يشكل المغرب أفضل مثال على ذلك, وتبعته على هذا المسار ولو ببطء المملكة العربية السعودية, وهناك شكل مختلف من هذا النموذج نشاهده بوضوح كبير في الإمارات العربية المتحدة وتونس حيث تتبعان سياسة جريئة في التنمية الاقتصادية وبعض العصرنة الإدارية مع غياب أي إصلاح سياسي أو حتى من دون تحقيق درجة متواضعة من الليبرالية. تتزايد جاذبية هذا النموذج لدى الحكام في سورية وليبيا.
النمط الثالث يشمل درجة حتمية من قبول, وحتى شرعية المعارضة. وهو يترافق مع محاولات احتواء هذه المعارضة وتقليص دورها إلى أدنى حد ممكن. اليمن والجزائر توفران أمثلة واضحة.
من الأكيد, بحسب دراسة كارنغي, أن لا دولة تتوافق بالكامل مع أي من تلك النماذج.
ففي معظم الحالات يشمل الإصلاح المدار من أعلى الهرم على مزايا تعود لأكثر من نموذج واحد. أما محاولات الإصلاح المدار فأنها تتقاسم خاصية مشتركة: تمثل جهودا لتحفيز عملية التغيير ووضع الحدود لها بصورة متزامنة.
بعيدا عن دراسة كارنغي, يستذكر بأسى ومرارة ساسة مخضرمون ونشطاء حزبيون تجربة عودة الأردن إلى مسار الديمقراطية عام ,1989 سنة إلغاء الأحكام العرفية, بالتوازي انطلقت عملية إصلاح اقتصادي.
وقتذاك كان الأردن الدولة الرائدة في الإقليم لجهة بدء إصلاحات متلازمة, وكان أصحاب القرار وقتها يهدفون إلى تكريس نموذج سلمي استباقي لعملية تحول ديمقراطي مبرمج تعكس رغبة الشارع والحاكم. شعرت دول الجوار بالخوف من تجربة الأردن وتداعيات نجاحها على المنطقة القابعة في ظل أنظمة سلطوية ودكتاتورية.
التجربة بدأت بالتراجع مع تنامي المعارضة لمفاوضات السلام الأردنية-الإسرائيلية التي أفضت إلى معاهدة إشكالية عام1994. وانتكست التجربة بعد بدء ما يسمى بـ"الحرب على الإرهاب" وما تلاه من أزمات سياسية في فلسطين, والعراق ولبنان.
بعد كر وفر بين الحكومة والمعارضة الإسلامية خلال العقد الماضي, تم أخيرا تحجيم التيار الاسلامي بكل الطرق المتاحة لدى السلطة من دون اراقة دماء. وأنتجت الانتخابات التشريعية الأخيرة قبل شهر مجلس نواب خاليا من المعارضة القوية (يجلس 6 إسلاميين على مقاعده الـ 110 مقارنة مع 17 في المجلس السابق). وقبلها انسحبت الحركة الإسلامية من الانتخابات البلدية بحجة التوزير.
ثم شكلت حكومة أمنية تكنوقراطية بأجندة اقتصادية تنموية بحتة لتحسين مستوى حياة الناس وإعادة توزيع الدخل المتأتي من التنمية بطريقة أكثر عدالة على أمل تحقيق أمن مجتمعي مستدام, في المقابل وضعت الإصلاحات السياسية على المقعد الخلفي بسبب الأوضاع الإقليمية المتفجرة.
وسيظل الجدل النخبوي دائرا حول من يسبق من? - هل الإصلاح الاقتصادي شرط لتحقيق التنمية السياسية ام العكس? أم أن باستطاعة المسارين أن يتقدما بالتلازم.?
الأغلبية داخل البيروقراطية المتجذرة والمؤسسات الرسمية بمن فيها من "حرس قديم" و "حرس جديد" تفضل الاستمرارية من دون تغيير قواعد العملية السياسية.
فالصراع بينهما على السلطة وتقاسم النفوذ ليس على مسائل إصلاحية محددة مثل مراجعة القوانين السياسية والدستور لتعزيز الحقوق الإنسانية والمدنية. كذلك يدور حول مفاهيم أوسع كالانفتاح بدلا من الأمن, أو الاستمرارية بدلا من القفز في الهواء.
الفريقان يتشاركان في الخشية من تداعيات نمو معارضة حقيقية قوية وبرلمان يحاسب الحكومة وقضاء فعال ومستقل وإدارة تتبع أسس الحاكمية الرشيدة وتحارب الفساد.
النخبة الاقتصادية المؤثرة على أصحاب القرار مهووسة بقضايا اقتصادية متعلقة بالعولمة وتسهيل إجراءات الاستثمار والتقاضي واستيراد العمالة, لكنها لا تفضّل تحرير الاقتصاد بمعنى إعطاء الحركة للمستهلك بدلا من المنتج.
مواقف النخب الاقتصادية شأنها شأن طبقة الكريما السياسية, ومصالح الطرفين مع استمرار الوضع القائم.
بالمقابل, لا يوجد توافق مجتمعي حول شكل الاردن الذي نريد, وليست ثمّة إرادة شعبية واضحة حيال تكريس مبدأ تداول السلطة السلمي ولا منظمات مجتمع مدني فاعلة أو أحزب سياسية مسلحة ببرامج وطنية متكاملة ومقنعة باستثناء حزب جبهة العمل الإسلامي, الذراع السياسية للإخوان المسلمين. يرى خصوم هذه الحركة بأن الإسلاميين يؤمنون بالديمقراطية لمرة واحدة حتى يجلسوا على مقاعد الحكومة. وهم يستشهدون بما آلت إليه تجارب إيران وفلسطين والعراق. الإعلام مكبل بقيود قانونية ويواجه عوائق مهنية داخلية, وهو يخشى من "دكتاتورية الشارع" التي أثبتت أحيانا كثيرة أنها أسوأ من تسلط الحكومة, المجتمع بصورة عامة ما زال عشائريا, الثقافة الحزبية والديمقراطية شبه غائبة ولا جدية كبيرة لدى صانع القرار, على ما يبدو, لإحداث تنمية سياسية- وذلك بسبب جملة عوامل داخلية والأوضاع الإقليمية الضاغطة. أضف إلى ذلك تحدي ثنائية الولاء السياسي بين الأردنيين.
في مقابل حزب السلطة وتيار الإسلاميين تجلس الأكثرية الصامتة التي دعمت عملية التحديث يوما ما قبل النكوص إلى قدر كبير من التشاؤم وانعدام الثقة.
فالفتى الأردني الذي راهنوا عليه عام 1989 وسموه "الاصلاح السياسي والاقتصادي" كبر ولامس سن الرشد القانونية. تغلب الحيرة عليه لأنه نشأ في أجواء من المراوغة ومن اللف والدوران في حلقات مفرغة هدفها كسب الوقت للإبقاء على الأمر الواقع.
الفتى اليوم هو لا ديمقراطي ولا سلطوي من ناحية الشكل والمضمون السياسي. اقتصاديا لم يتحرر بالكامل ولم تتقلص كثيرا نسبة مشاركة الدولة في إجمالي الناتج المحلي.
الليبرالية الاقتصادية لم تعبر عن حالها بليبرالية سياسية.
فالتنمية الاقتصادية والسياسية وجهان لعملة واحدة.
وبما ان الظروف الموضوعية الداخلية والخارجية تفرض نفسها بقوة على جهد الإصلاح المتكامل, فالأفضل اختيار عناوين جديدة للتحديث السياسي المنشود بإزالة كلمة "الديمقراطية" والاستعاضة عنها بضرورة إرساء الحاكمية الرشيدة والفرص المتكافئة وتعزيز مفهوم دولة المواطنة في ظل استقلال قضائي وآليات واضحة لمحاربة الفساد المالي والإداري والسياسي. كذلك لا بد من توسيع مشاركة المرأة في سوق العمل وفي حقل السياسة.
تلك الخلاصة تقارب التقديرات الاستقرائية لتقرير كارنغي المستندة إلى الاتجاهات الحالية في الإقليم والتي تبين أن السيناريو الأكثر احتمالا هو استمرار الركود السياسي مع تغيرات محدودة بدلا من انزلاق خارج عن السيطرة نحو مستقبل غير ضبابي.
في المحصلة النهائية تصل كل دولة إلى الديمقراطية بطريقتها الخاصة? لكن لا بد من خلق مسار واضح للتنفيس عن الاحتقانات الشعبية?.
وزير العمل: 46 ألف عقد تشغيل نصفهم من السيدات
تكية أم علي ترسل أول شحنة لحملة الشتاء إلى شمال غزة
فوز الأهلي على الكتة بدوري كرة اليد
الأسواق الأوروبية تنهي الأسبوع على خسائر
وزير الداخلية العراقي يفتتح نظام إصدار البطاقة الوطنية بعمان
ما هو كراج حويدر الذي يتوعد به العراقيون المنتخبات المضيفة
مع اغتيال ابو الرز .. ارتفاع عدد الشهداء الصحفيين بغزة
بطولة الدرع .. مغير السرحان يفوز على الأهلي
ارتفاع الرقم القياسي لأسعار أسهم بورصة عمان بأسبوع
مشاهد من زيارة الملك إلى المملكة المتحدة .. فيديو
رئيس الديوان الملكي يلتقي مجموعة القلعة الإعلامية
المصادقة على فتح تحقيق يتعلق بنتنياهو
منتخب الطائرة يخسر أمام نظيره الكويتي بالبطولة العربية
مهم بشأن ارتفاع أسعار الزيوت النباتية وانخفاض أسعار الأرز محلياً
موسم زيتون صعب في الأردن وارتفاع سعر التنكة .. فيديو
مهم بشأن رفع الحد الأدنى للأجور
إيقاف ملحمة شهيرة في العاصمة عمان عن العمل
الأردنيون على موعد مع عطلة رسمية الشهر المقبل
مواطنون في منطقة وادي العش يناشدون الملك .. تفاصيل
أمطار وكتلة هوائية أبرد من المعتاد قادمة للمملكة .. تفاصيل
أم تستغل ابنتها القاصر بالعمل مع الزبائن
توضيح من الضمان بشأن رواتب تقاعد الشيخوخة
وظائف شاغرة بالجامعة الأردنية .. تفاصيل
أمطار غزيرة وعواصف رعدية وتحذيرات من السيول
قرارات مهمة من وزارة العمل .. تفاصيل
إدارة الجونة تتخذ قراراً بشأن إطلالات رانيا يوسف الجريئة
دائرة الأراضي تطلق خدمة إلكترونية جديدة .. تفاصيل