حكومة ميدانية

mainThumb

23-12-2007 12:00 AM

احدى مشكلات الحكومات السابقة ان معظمها كانت اسيرة المكاتب والاجتماعات والندوات، وعلاقة بعض الرؤساء ومعظم الوزراء بالميدان والناس علاقة اضطرارية، اي ليست خيارهم بقدر ما هي امر طارئ، وكان الملك في كثير من المناسبات يدعو الحكومات والمسؤولين الى ان يكونوا ميدانيين، يقتربون من المشكلات والناس ولا يتعاملون مع القضايا عبر الورق والتقارير والدراسات او شاشات الكمبيوتر.

دائماً كانت الحكومات من رؤسائها والوزراء، وحتى الامناء والمديرين العامين، تفاجأ بأن الملك يصل الى المشكلات ويقف على التفاصيل ويزور الاماكن التي يجب زيارتها بينما الحكومات تحاول الاستدراك بعد ذلك، وأتحدث هنا عن اماكن فيها مشكلات عامة من صحة وتعليم وجيوب فقر او ظلم تاريخي لحق بالانسان والمكان، وربما لو اجرينا دراسة علمية لوجدنا ان نسبة من السادة الوزراء لم يخرجوا من مكاتبهم او من الغرف ولم يصلوا حتى الى المديريات فضلا عن عدم الوصول الى الناس، ورغم ذلك فان نسبة من الوزراء والمسؤولين كانوا اصحاب حضور ميداني وكانوا قريبين من تفاصيل العمل، والانصاف يقتضي ان نقول هذا.

الحكومة الجديدة اعلن رئيسها انها ستكون حكومة ميدانية، وهذا من حيث المبدأ امر ايجابي. لكن صفة الميدانية في الحكومة يجب ان تكتسبها اذا مارست نهجاً دائماً ومتكاملاً بالاقتراب من المواطن ومن تفاصيل العمل في كل المحافظات والالوية. والحكم ليس على عدد من النشاطات التي يمكن ان تظهر مع الفترة الاولى من عمر الحكومة، فهذه قد تكون "شدة الغربال الجديد" او جزء من الحماس مع بداية العمل، لكن العبرة بالاستمرار وان تمتلك الحكومة المنهجية الكاملة لتخرج من الاجتماعات والغرف والندوات الى الناس والمحافظات والالوية والقرى والبوادي الميدانية صفة تكتسبها اي حكومة اذا استطاع المواطن ان يصل بصوته وشكواه وملاحظاته الى الحكومة، وان يجد امامه المسؤول ولو مرة في الشهر او حتى في نصف السنة، وان يعرف الناس وجوه الوزراء والامناء العامين والمديرين.

الحكومة الميدانية تمتلك الجرأة لتصل الى الاردني وتقدم له رأيها حتى في الملفات الصعبة وتستمع بعطف وجدية لما يقول. حكومة يجد فيها الناس مسؤولين يتحدثون بلغتهم وهمومهم.

وربما على الحكومة ان تضع لنفسها برنامجاً تصل فيه الى كل مناطق الاردن، وان تحاول ان تستمع الى كل الاصوات او ممثليها، طبعاً ليس عبر اللقاءات البرتوكولية المتخمة بالخطابات بل بطرق اكثر جدوى، فالمسؤول الناجح والواثق لا يخشى من لقاء الناس بل يحب هذا ويسعى اليه.

عندما تستسلم اي حكومة لضغط الاجتماعات والندوات واللقاءات فإن الزمن يخطفها وتمر الشهور سريعاً ولا تلتفت الى الناس ولا تمتلك منهجية للتواصل معهم، ولهذا فإن الحكومة الجادة في ان تكون ميدانية يكون لرئيسها برنامج واضح في الاقتراب من التفاصيل والناس والمحافظات والقرى ويضع لوزرائه ايضاً برنامجاً يتابعه حتى يؤدوا واجبهم، وهذا ما نتمناه لحكومتنا الجديدة.

اخيراً فان تجارب سابقة كان فيها بعض الكبار في حكومات يلبون دعوة للغداء عند وجيه في محافظة فيتناولون الغداء ويتحدثون بضع كلمات ثم يعتقدون انهم يمارسون تواصلاً وعملاً ميدانياً.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد