توجيهات

mainThumb

13-12-2007 12:00 AM

الكثير من المسؤولين على اختلاف مواقعهم وألقابهم ومجالاتهم، يبدأون حديثهم عن عملهم وقراراتهم بأنهم يعملون تطبيقا للتوجيهات الملكية، أو أنهم منسجمون مع الرؤى الملكية أو تنفيذا للرغبات الملكية.

وفي مجال الانجاز أو العمل الجيد من أي مسؤول فإن الربط بين التوجهات الملكية والانجاز أمر مفهوم وطبيعي، لكن المشكلة عندما تتحول مثل هذه المقدمات إلى جزء من البلاغة والانشاء، لكن الاخطر أن يتحدث أي مسؤول في أي مجال أنه يعمل انسجاما مع التوجيهات الملكية لكن الناس لا ترى منه عملا حقيقيا، أو تراه من المسؤولين المشغولين بالشكليات، أو من الذين يتجاوزون على القانون أو يظلمون الناس أو غيرها من الممارسات التي لا علاقة لها لا بالتوجيهات ولا الرؤى ولا الرغبات الملكية ولا حتى بالحدود الدنيا من واجبات المسؤولية العامة.

وفي ذاكرة الأردنيين أصحاب مواقع اسرفوا في استخدام البلاغة، وتحدثوا كثيرا عن انسجامهم في عملهم مع التوجيهات والرؤى الملكية، بل وقدموا انفسهم باعتبارهم الوكلاء الحصريين للولاء والانتماء، ثم تقضي الاقدار ان ينكشف المستور، فإذا ما يحركهم مصالحهم ونفوذهم، وإن اصرارهم على البلاغة والاختباء وراء اقوال مثل التوجيهات الملكية هو جزء من "عدة الشغل".

وحكاية التستر وراء "التوجيهات" تشبه ما كان وربما مايزال يقوم به البعض من أهل المواقع لتبرير قراراتهم بأن التعليمات باتخاذ هذه القرارات جاءت "من فوق"، واحيانا لا يتحدثون بل يشيرون بأصابعهم الى الاعلى او الى صورة الملك لإعطاء هيبة لحديثهم وتبريرهم، وهذا الامر تحدث عنه الملك في احدى اللقاءات قبل شهور طويلة منتقدا هذه الممارسات.

ربما يعتقد بعض المسؤولين أن كثرة الحديث بعبارات البروتوكولات تجعل صاحب القرار سعيدا، أو انها حصانة لما يفعلون، لكن الناس أذكياء ويعلمون ما يجري، ولا ينطلي عليهم ان يرفع مسؤول صوته معلنا انه يعمل استجابة للرؤى الملكية، وهو في حقيقة أمره لم يفعل شيئا، أو كان عمله ارتجاليا دون تخطيط أو دون خبرة أو على قاعدة لا علاقة لها بالمصلحة العامة.

لو ان كل حديث المسؤولين الجميل تمت ترجمته إلى عمل حقيقي وخدمة للناس واخلاص للاردن لما كانت المشاكل تراكمت، ولما كنا نسمع عن فساد، ولما جاء الى المواقع او بعضها من لا يستحق، او ضمن مواصفات لم يسمع بها احد، ولو كان كل صاحب لسان جميل من الصغار والكبار من المسؤولين الذين يعلنون التزامهم بالتوجيهات الملكية قدم ما يجب لما وصلتنا ازمات اقتصادية وادارية من فعل ايدينا، ولما غرقنا في مديونية اصبحت عبئا على كل حكومة وعلى كل اردني.

لنعترف ان فئة من المسؤولين عبر مسار الدول يعملون بتوجيهات قدراتهم المحدودة او مصالحهم وحساباتهم، فأي توجيهات تلك التي تجعل مسؤولا يسمع بمشكلات وزارته من الاعلام، أو لا يصل إلى فقر الناس وحاجاتهم ومشكلاتهم، أو ينشغل بصناعة محاسيب له في اوساط السياسة والاعلام بما يعنيه هذا من جهود واثمان.

ما نقوله لا يعني ان كل مسؤول يتحدث بهذه اللغة يمارس عملا سيئا، فهنالك فئات لها انجاز وإخلاص وعمل منتج، لكن هنالك ضخ جائر للانشاء، واختباء وراء مثل هذه العبارات للتغطية على ضعف الانجاز او لتمرير ما لا علاقة له بالمصلحة وخدمة الناس.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد