قانون السير بين التهوين والتهويل

mainThumb

25-12-2007 12:00 AM

حسناً فعل مجلس النواب برد قانون السير الجديد ، فقد أكد المجلس بذلك حضوره على الساحة السياسية ، وأفشل رهانات البعض على أن أداءه سيكون باهتاً بحكم أنه مجلس تغلب على تشكيلته العناصر الجديدة وغير المعروفة على الساحة السياسية.

ومن جهة أخرى ، فإن قانون السير الجديد المؤقت يحتاج فعلاً الى وقفة تأمل طويلة ودراسة متفحصة لتحقيق الغرض المرجو منه ، فالاعتقاد السائد هو أن الصيغة الحالية للقانون نقلت الأمور من خانة التهوين في التعامل مع قضايا المرور الى مربع التهويل في العقوبات الى درجة مرعبة وربما مبالغ فيها.

إن أحداً لا ينكر أن الأردن يعاني من واقع مروري مترد.. فحوادث السير تقع بسبب تجاهل السائقين لأبسط قواعد المرور.. فلا احترام للاشارات والشواخص ولا هيبة لأي اجراء يتخذ لضبط التجاوزات الخطيرة التي تشهدها شوارعنا.. ولا أحد يقبل أن تستمر هذه المجازر التي تحصد العديد من الأرواح وتؤثر على صورتنا في نظر الزوار والسياح.

ولكن المبالغة في أي أمر تجلب نتائج عكسية وغير مرجوة ولا تحقق الغرض ، إذ أنها تنقل الوضع من النقيض الى النقيض.. تماماً مثل أشعة الشمس التي تحتاج أجسامنا اليها كي تبقى على قيد الحياة ، إذ لا تستطيع الكائنات الحية العيش بدون شمس.. ولكن التعرض لأشعة الشمس لفترات طويلة يتسبب في إصابة الناس بأمراض خطيرة قد تؤدي الى الموت،،.

لقد جاء قانون السير الجديد بسلسلة من الغرامات القاسية والتي يصل بعضها الى الحبس ودفع مبالغ مالية طائلة. كما أن بعض المخالفات تسجل دون معرفة مرتكبيها ، مما ينفي البعد الارشادي عن المخالفة (وهو الأهم) ويحول رجل السير الى قاض وحكم في الوقت نفسه.

أما أخطر تلك المواد فهي المادة (48) التي تنص على تخصيص ما نسبته %30 من عوائد غرامات مخالفات السير لصالح مديرية الأمن العام التي تخصص %30 منها للأفراد والعاملين في مجال ضبط مخالفات السير والبيئة والرقابة المرورية... فأخشى ما نخشاه أن يؤدي ذلك الى التشدد في ايقاع العقوبات وتسجيل المخالفات لما في ذلك من فائدة للجهة التي تسجل المخالفة ، مع التقدير للحس المهني وروح الإنصاف التي تسود في أوساط محرري المخالفات... فالأفضل للجميع درء الشبهات والابتعاد عما قد يجلب الالتباس وتضارب المصالح.

لقد منح مجلس النواب فرصة للجميع لالتقاط الأنفاس واعادة النقاش حول قانون السير بشكل يحقق الهدف المرجو منه وهو زجر المخالفين وإنقاذ أرواح الأبرياء الذين يسقطون نتيجة حوادث المرور.. ولكننا معنيون أن يتم ذلك مع مراعاة حقوق المواطنين ، وعدم التشدد في العقوبات ، أو تحويل طرقنا الى ساحات رعب يؤخذ فيها المطيع بجريرة العاصي.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد