العودة الى السياسة لمعالجة جراح الاقتصاد

mainThumb

25-12-2007 12:00 AM

من دون اصلاحات سياسية حقيقية لا يمكن تجاوز الازمة الاقتصادية

لا تنكر حكومة نادر الذهبي ان اولوياتها للمرحلة المقبلة اقتصادية بحتة فهي من خلال برنامجها الذي نالت عليه ثقة نيابية قياسية ستتولى ادارة ملف تحرير اسعار المشتقات النفطية وما سيترتب عليه من تداعيات مؤلمة تمس حياة شرائح اجتماعية واسعة. اما الاصلاحات السياسية التي تعطلت في عهد الحكومات السابقة فلا مكان لها على اجندة الحكومة. اقصى ما وعد به الذهبي في بيان حكومته ورده على خطابات النواب هو وضع نظام لتمويل الاحزاب واجراء حوار في وقت غير محدد حول قانون الانتخاب.
خلال السنة المقبلة وهي العمر الافتراضي لحكومة الذهبي لا يوجد متسع من الوقت لحوار حول القضايا السياسية ورئيس الوزراء بحكم تكوينه الاقتصادي لا يميل للسجال في القضايا السياسية فهو لغاية الآن لم يلتق قادة الاحزاب او النقابات واقتصرت زياراته للمؤسسات الاقتصادية والاجتماعية المعنية بقضايا الاستثمار وبرامج مكافحة الفقر.
الحكومات السابقة قدمت تعهدات اكثر وضوحا وصرامة بشأن اصلاح قوانين العمل السياسي وتحديدا قانون الانتخابات لكنها تنصلت من وعودها عندما اقتربت لحظة الحسم قبل موعد الانتخابات النيابية.
في اوساط النخب السياسية الحاكمة لا يمكن تلمس خلافات جوهرية حول الاصلاحات السياسية, الخلافات في العادة تدور حول اقتسام النفوذ والصلاحيات وقد انتهى هذا الجدل مؤخرا الى التسليم بسياسة التقاسم الوظيفي للسلطات والصلاحيات.
ودعمت تركيبة مجلس النواب التي افرزتها انتخابات مثيرة للجدل الاتجاه المؤيد لتأجيل الاصلاحات السياسية وانتصار عملية صناعة القرار بحلقة ضيقة تدعي احتكار الحلول لكل الازمات وتعتقد هذه الحلقة ان الاردن غير مستعد في هذه المرحلة الاقليمية الحساسة لدفع كلفة المشاركة وتوسيع هامش الديمقراطية.
بيد ان الظروف الاقليمية من وجهة نظر تيار واسع في البلاد تشكل في حد ذاتها مبررا اضافيا لاستئناف مسار الاصلاح السياسي وتوسيع دائرة المشاركة في صناعة القرار. فالحكومات التي تتصدر واجهة الاحداث تفقد بشكل متسارع ثقة المواطنين حسب استطلاعات الرأي العام.
واصبحت اقل قدرة على اقناع فئات واسعة بجدوى اصلاحاتها الاقتصادية وسط شعور متزايد بتآكل القدرة على مواجهة اعباء المعيشة.
ان اتساع الهوة بين الحكومات والشارع ينبىء بازمة سياسية عميقة في المستقبل يصعب معالجتها بالمسكنات الاقتصادية, ولم يعد بالامكان السير في اصلاحات اقتصادية مؤلمة من دون مشاركة سياسية حقيقية وجدية في رسم تلك السياسات ففي كل الاحوال لا بد من العودة الى السياسة لمداواة جراح الاقتصاد.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد