عراق جورج بوش

mainThumb

25-12-2007 12:00 AM

عندما يبدأ الرئيس الامريكي جولته المقبلة في المنطقة سيشعر بالراحة لأن (تقدماً) يحصل لصالح السياسات التي انتهجها خلال فترتي رئاسته. وهو عكس ما كان عليه حال جولاته السابقة عندما كانت المقاومة العراقية في ذروتها, بينما سجلت المقاومة في لبنان وفلسطين نقاطا ضد مشروع رايس للشرق الاوسط الجديد.

في العراق يحق للجنرال بترايوس ان يفخر (بانجازه) عندما لجأ الى زعماء العشائر السنية واعتمد عليهم لمساعدته في فرض الامن بدرجة كبيرة في بغداد والرمادي وبعقوبة وسامراء. والواقع ان العامل الامني هو الجزء الظاهر من حقيقة التطورات في العراق. لان نجاح بترايوس في تكوين واجهة سياسية للعشائر مع قوات مليشيا تقدر ب¯ 70 الفا يمثل خطوة واسعة الى الامام نحو ارساء قواعد تقسيم العراق سياسيا الى ثلاث فدراليات كبرى, كردية في الشمال وهي قائمة فعلا, وشيعية في الجنوب وهي في مراحلها الاخيرة وتمثلها حكومة المالكي, واخيرا فدرالية في الوسط بقيادة ما يسمى بمجالس الصحوة السنية.

اليوم, يمكن القول, ان قرار الكونغرس الذي اتخذ في صيف العام الجاري بتأييد تقسيم العراق, اصبح امرا ممكنا, بل هو خطة تتطور مع كل يوم لتصبح حقيقة اسمها العراق الجديد, عراق جورج بوش المقسم.

بالطبع لن تكون الفدراليات المطروحة مثل الفدرالية الالمانية والبلجيكية والكندية, انما فدراليات قائمة على العداء والنزاعات على الحدود والمناطق وعلى النفط والمياه. مما يجعل استمرار وبقاء هذه الفدراليات مرهونتين بحماية القوات الامريكية لها. وهذا بالضبط الهدف الكامن وراء مخطط تقسيم العراق اي استمرار الهيمنة والوجود الامريكي الى اشعار آخر, مع وجود قواعد امريكية ضخمة, وشركات امريكية مسيطرة بالكامل على الثروة النفطية.

وبالانتقال, الى ما سماه بعض السياسيين والمفكرين بسياكس - بيكو جديد في المنطقة, فإن مهمة تقسيم الدول العربية القريبة من اسرائيل التي يتبناها المحافظون الجدد في ادارة بوش, تسير على قدم وساق. بل اصبحت امرا واقعا في فلسطين بوجود كيانين في غزة والضفة, في ظل الاحتلال الاسرائيلي ورحمته.

اما في لبنان, فإن بقاء البلد من دون رئيس يعكس واقع الانقسام السياسي والطائفي الحاد الذي يجعل من استمرار لبنان موحدا مهمة صعبة ان لم تكن مستحيلة في ظل اصرار ادارة بوش على انجاح "ثورة برتقالية" في بيئة سياسية وطائفية لا تحتمل غير الاجماع والوفاق الوطني.

عراق جورج بوش المقسم, هو نموذج لدولة فلسطين المتفاهم عليها اسرائيليا وامريكيا, دولة كانتونات في ظل الاحتلال. وكأننا امام عصر استعماري مباشر, وليس امبرياليا فقط, يعيد الى الاذهان عصر البوارج وفتح الحصون وفرض الحكومات المتعاونة على المستعمرات في القرن التاسع عشر.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد