صحيفة السوسنة الأردنية

اجتاز الاردن امس محطة دستورية اخرى بكل هدوء ، الا وهي عملية التصويت على الثقة في حكومة السيد نادر الذهبي. ومن حقنا كاردنيين ان نشعر بالفخر لسير العملية الدستورية في كل مراحلها بسلاسة وانضباط. واذا كان بعضنا يستهين بذلك ، فما عليه الا أن يلقي نظرة على دول عديدة في محيطنا العربي ليدرك حجم ما يحققه بلدنا بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني من التزام كامل بالمقتضيات الدستورية بكفاءة ودقة وانتظام.

اما الرقم المرتفع من التصويت بالثقة على حكومة السيد الذهبي ، فهو امر سيجعل هذا الفريق الوزاري تحت المجهر من حيث التزامه بتنفيذ ما جاء في بيانه الوزاري ومن جهة العمل بكل جهد ومثابرة من اجل الصالح العام.. فالتحدي يبدأ اليوم ، والمعركة لنيل ثقة المواطنين تنطلق الآن.. ولا شك ان كسب ثقة الشعب اشق واصعب ، فالناس سيحكمون على اداء الحكومة بالافعال لا بالاقوال ، وسيقيمون حصيلة عمل الوزراء من خلال اقترابهم من هموم الناس ومعالجة قضاياهم.

لقد محض مجلس النواب الحكومة ثقة كبيرة ، ففتح امامها الطريق واسعا للعمل.. واذا ما القينا نظرة على خريطة القوى السياسية كما بدت امس من خلال التصويت على الثقة ، فباستطاعتنا القول اننا امام حشد نيابي واسع مؤيد للحكومة مقابل اصوات معارضة لا تكاد تسمع.. ومعنى هذا ان الباب مفتوح على مصراعيه للعمل بكل جد لتنفيذ ما جاء في البيان الوزاري.

وعلى عكس حكومات سابقة واجهت مجالس نيابية متمردة ، فان الدروب ممهدة تماما امام حكومة السيد نادر الذهبي لانجاز ما وعدت. يضاف الى هذا انها تلقى دعما غير مسبوق من جميع مراكز الثقل السياسي في الاردن ، وليس باستطاعتها ان تتذرع بوجود اية عراقيل تحول بينها وبين تنفيذ برامجها.

إننا نقول هذا الكلام ، لا لنبرز فقط عظم المسؤولية الملقاة على كاهل الفريق الوزاري ، بل لنبين ايضا حجم التوقعات والامال المعقودة على هذه الحكومة لتحقيق المصلحة العامة. وقد جاء حديث رئيس الوزراء السيد نادر الذهبي في الرد على كلمات النواب واضحا ومطمئنا وبما يؤكد انه يملك الرؤية والارادة لمواجهة التحدي الاساس الذي ينتظر فريقه الوزاري والمتمثل في مواصلة الاصلاح الاقتصادي وتعزيز شبكة الامان الاجتماعي لحماية الفقراء من الآثار القاسية للتحولات الاقتصادية.

من حق الحكومة ان تشعر بالزهو والنشوة للثقة العالية التي نالتها من ممثلي الشعب ، ولكن عليها الا تصرف الكثير من الوقت في ذلك ، اذ مطلوب منها الان ان تشمر عن سواعدها لتحقيق الآمال المعقودة عليها.. وذاك هو النجاح الحقيقي..