الاستيطان .. ومأزق التفاوض

mainThumb

24-12-2007 12:00 AM

لن تقوى السلطة الوطنية الفلسطينية وحدها على مواجهة مأزق المفاوضات الذي وضعتها فيه اسرائيل باعلان عزمها على الاستمرار في سياسة الاستيطان خاصة في القدس المحتلة.

ورغم تلويحها بوقف التفاوض في حال تواصل سياسة الاستيطان الاسرائيلية ، فان السلطة الفلسطينية غير قادرة على تحمل تبعات اتخاذ قرار وقف التفاوض بسبب حالة الانقسام الفلسطينية من جهة ، ونظرا للضغوط الدولية التي تواجهها من جهة أخرى ، فالسلطة تعرف أنها اذا ما اتخذت هذا الموقف ، فان غلاة المتشددين في الادارة الامريكية سيرون في ذلك افشالا لعملية السلام ، ولن يقولوا أنه جاء كرد فعل على الاستفزاز الاسرائيلي،

وما لم يلق الموقف الفلسطيني اسنادا عربيا واسلاميا لمساعدته في الخروج من هذا المأزق ، فان الذي سيتم على الارض هو معارضة لفظية لاستمرار سياسة الاستيطان الاسرائيلية لا تغير في واقع الأمر شيئا ، بينما تمضي اسرائيل قدما في مصادرة الأرض وبناء المستوطنات وعندما تنتهي عملية التفاوض ، فلن يجد الفلسطينيون أرضا يبنون عليها دولتهم،

أما أخطر ما في استمرار سياسة الاستيطان الاسرائيلية ، فهي أنها تستبق نتائج المفاوضات النهائية وتحدد المآل الذي ستصل اليه العملية بشكل استباقي.. فاسرائيل تقوم بعملية توسعة لمستوطنتي «معاليه أدوميم» و «هار حوماه» لان ذلك لا يمثل ، حسب المنظور الاسرائيلي الرسمي ، انتهاكا لما تم الاتفاق عليه في مؤتمر أنابوليس ، اذ أن منطقة القدس ، حسبما يزعمون ، هي جزء من «اسرائيل» وقرار التوسعة في هذه المناطق يدخل ضمن الاجراءات السيادية الاسرائيلية،

واذا ما قبل الفلسطينيون هذا المنطق ، فانهم يكونون قد تنازلوا عن ثلاث قضايا من قضايا الحل النهائي دفعة واحدة الا وهي: القدس والمستوطنات والحدود.

لقد أشار كثير من المحللين والمراقبين السياسيين الى تسرع اسرائيل في اتخاذ قرار استئناف الاستيطان بعد مؤتمر أنابوليس.. والحقيقة أن الأمر ليس تسرعا بل هو جزء من مخطط مدروس هدفه تحديد مسار المفاوضات مع الجانب الفلسطيني قبل بدئها ، مع ادراك اسرائيل أن المفاوض الفلسطيني أضعف من أن يتصدى لهذا المخطط.

ان القضايا المطروحة بين الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي لا تهم الطرف الفلسطيني وحده ، ولكنها تعني كل العرب والمسلمين ، وليس من المعقول أن يترك المفاوض الفلسطيني وحده بينما تحدد اسرائيل بدعم أمريكي مسار التفاوض فيما يتعلق بالقدس والمستوطنات والحدود..

ان المسؤولية التاريخية تفرض على الدول العربية والاسلامية التحرك السريع على أعلى المستويات لعدم الاخلال بما اتفق عليه في (أنابوليس) بمشاركة عربية واسلامية واسعة وعدم ترك المفاوض الفلسطيني وحده في مواجهة الضغوط الاسرائيلية والامريكية العاتية.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد