مسعى جانبه الصواب

mainThumb

07-01-2008 12:00 AM

 يقود بعض عمداء وأساتذة كليات الشريعة في الجامعات الأردنية تحركاً يهدف الى الضغط على مجلس التعليم العالي للعودة عن قراره برفع معدل القبول في كليات الشريعة بحيث لا يقل عن (70) في الثانوية العامة. وفي الوقت الذي نقدر فيه قلق أساتذة الشريعة على مستقبل هذه الكليات في ضوء انخفاض عدد الطلبة المقبولين فيها ، فإن الواجب يقضي بمصارحة هؤلاء العلماء الأجلاء بأن مسعاهم هذا جانبه الصواب ، وأن جهود الأساتذة الجامعيين يجب أن تدفع باتجاه رفع مستوى التحصيل والأداء العلمي في الكليات ، لا تخفيضه ، فالقضية ليست قضية عدد الطلاب المسجلين في هذه الكليات بل نوعيتهم ومدى استعدادهم لخدمة المعارف والعلوم التي يتخصصون فيها ، وخصوصاً العلوم الشرعية.

ومن حقنا أن نسأل العلماء الأجلاء عن الحكمة من قبول أعداد كبيرة من الطلاب ممن يجدون أنفسهم مضطرين لدخول كليات الشريعة بعد أن أغلقت في وجوههم أبواب الكليات والأقسام الأخرى؟ وهل الطالب «المجبر» على دخول كلية الشريعة لعدم حصوله على المعدل لدخول الكلية التي يتمناها يمكن أن يكون خطيباً مقنعاً وواعظاً مؤثراً؟

أما قول الأساتذة الأجلاء بأن طلاب المعدلات العليا يختارون دراسة الطب والهندسة على الشريعة فإنه يعكس قناعة لا نوافقهم عليها مفادها بأن دراسة الشريعة أقل شأناً من الطب والهندسة. وكأنهم يقولون أن طلاب الشريعة ليس مطلوباً منهم أن يكونوا متفوقين أو مبدعين ، إذ يمكن لأي طالب مهما كان معدله أن يدرس الشريعة،.

لقد عانينا طويلاً من هذه النظرة المجحفة لكليات الشريعة ، وكانت نتيجة ذلك أن ارتقى منبر رسول الله في المساجد بعض من الخطباء ممن اساؤوا للدين بتفسيراتهم المغلوطة للقرآن الكريم والسنة المطهرة ، وبترداد عبارات أسهمت في تعكير العلاقات بين فئات المجتمع المختلفة ، وأسهمت في ابعاد الشباب عن روح التسامح التي يتميز بها الاسلام.

فقد اعتلى المنبر خطيب شن هجوماً كاسحاً على أبي سفيان زعيم المشركين في غزوة بدر ، وأشبع الخطيب أبا سفيان سباً وشتماً ، مؤكداً أن مصيره في النار وبئس المصير.. ولم يصل الى علم الخطيب المبجل أن أبا سفيان قد أسلم في فتح مكة وأنه وقف ومعه أولاده الى جانب المسلمين يحارب المرتدين ، وأنه شارك في فتح الشام ، وانه فقد عينه في موقعة اليرموك ضد الروم.. ويبدو أن خطيبنا قد توقف في قراءته لكتاب السيرة عند غزوة بدر،.

وقال خطيب آخر وهو في حالة انفعال شديد أن نبينا عليه الصلاة والسلام مدفون في مكة،.

ان تأثير خطيب المسجد لا يقل أهمية عن تأثير الطبيب أو المهندس ، ومن الضروري أن ينظر لهذه التخصصات جميعاً على أنها من نفس السوية.. فالطبيب الذي يعالج الأبدان والمهندس الذي يعلي البنيان لا يقلان في الأثر والدور والأهمية عن الخطيب الذي يشكل العقول والواعظ الذي يرشد الناس الى الدين ويحدد مساراتهم في الحياة.

إننا نشد على أيدي مجلس التعليم العالي ونطالبه بعدم التراجع عن قراره برفع معدلات القبول في كليات الشريعة الى (70) مهما اشتدت عليه الضغوط.. فالأصل هو ألا يرتقي منبر رسول الله إلا أغزر الناس علماً وأكثرهم ذكاء وأشدهم معرفة بشؤون الدين والدنيا ، لا من أجبر على ذلك اجباراً بعد أن أغلقت في وجهه المسارات الأخرى.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد