صحيفة السوسنة الأردنية

موازنة التمويل جزء من الموازنة العامة للحكومة الأردنية وهذا الجزء يستحق اهتماماً أكبر مما حصل حتى الآن ، لأنه لا يدل على حالة الموازنة فقط بل يترجم أيضاً ما سيحصل للمديونية الخارجية والداخلية خلال سنة قادمة ، خاصة وأن المديونية الثقيلة كانت وما زالت أهم التحديات التي تواجه صانع السياسة الاقتصادية والمالية.

للوهلة الأولى يمكن التوقف عند رقم العجز الذي تنتهي به الموازنة العامة بعد النفقات الجارية والرأسمالية والقول بأن المديونية سوف ترتفع بنفس المقدار. ولتخفيف وقع هذا الرقم الكبير ، يتم تقديمه كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي المقدر لتلك السنة بالأسعار الجارية. ومن السهولة بمكان المبالغة في تقدير حجم الناتج المحلي الإجمالي لتخفيض المديونية كنسبة منه. علماً بأن التقدير يظل جزافياً ومبنياً على أحسن الافتراضات.

يقول مشروع موازنة التمويل أن المطلوب تدبير الأموال ، ليس لتسديد عجز الموازنة فقط ، بل لتسديد الأقساط المستحقة على المديونية الخارجية والداخلية أيضاً. مما يرفع المبلغ إلى 2126 مليون دينار. ولكنا نفهم أن جزءاً من هذا المبلغ الكبير سوف يستخدم لتسديد ديون خارجية وداخلية ، ولذلك علينا أن نجري مقاصة بين الجانبين ، بحيث يظهر كل من التسديد والاستدانة الجديدة بالمبالغ الصافية.

في هذا الصدد يتضح أن المديونية الخارجية سوف تهبط بمقدار 6ر202 مليون دينار نتيجة لسحب 7ر81 مليون دينار وتسديد 3ر284 مليون دينار ، وهذا حسن. أما في مجال المديونية الداخلية فإن الحكومة سوف تقترض 2ر2044 مليون دينار تستخدم منها 4ر1117 مليون دينار لتسديد وإطفاء سندات وسلف سابقة ، أي أن صافي الاقتراض الداخلي سيبلغ 927 مليون دينار ، وهو مبلغ كبير يزيد عما تقدر وترغب البنوك المحلية في إقراضه للحكومة.

بهذه العمليات الكبيرة سيرتفع حجم الدين العام الكلي بمقدار العجز البالغ 25ر724 مليون دينار أو 85ر5 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي ، في حين يرتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3ر11 بالمائة بالأسـعار الجارية ، وبالتالي تسجل المديونية الكلية انخفاضاً بما يقارب ست نقاط مئوية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي.

وهذا أيضاً حسن لولا أنه يؤشر على سباق بين النمو والمديونية ، وأن الديون ستظل تكبر بالأرقام المطلقة بحجة أن الناتج المحلي الإجمالي يكبر بأسرع منها.