تسعة دنانير وتسعون قرشا

mainThumb

29-12-2007 12:00 AM

كل إعلامي يكون سعيدا عندما تحقق صحيفته سبقا صحافيا ، ولكننا حتى في صحيفة الدستور كنا مصدومين بتصريح وزير الطاقة حول ارتفاع سعر اسطوانة الغاز إلى 9 دنانير وتسعين قرشا ، وهو التصريح الذي ارتبط بمعلومة من الوزير حول "إبلاغ مصفاة البترول بالأسعار الجديدة" لتطبيقها مع بدء العام المقبل.

يوم الخميس كان يوم "الغاز" بامتياز في الأردن ، حيث كانت آلاف المكالمات الهاتفية تنهال على محال تزويد اسطوانات الغاز وعشرات الآلاف من المواطنين يذهبون إلى محلات بيع الغاز لتبديل وحتى تكديس اسطوانات الغاز تحسبا للرفع الهائل للسعر ، حتى قبل دفع مخصصات شبكة الأمان الاجتماعي،

تصريح الوزير يوم أمس الجمعة حول عدم تطبيق هذا السعر إلا بعد التحرير التام لقطاع الطاقة كان بمثابة إبرة مورفين في شرايين المواطنين الأردنيين المصابين بارتفاع ضغط الدم ، فهذا السعر سوف يصبح سعر السوق بعد تحرير قطاع الطاقة ، وضمن معادلة تغير الأسعار شهريا حسب الأسعار العالمية.

إذن النقطة الحساسة هنا هي في "تحرير قطاع الطاقة". موعد تحرير قطاع الطاقة غير محدد ، وامتياز مصفاة البترول الاحتكاري سينتهي مع بداية العام المقبل ، ولكن لا توجد في الأردن اية شركات استيراد وتخزين ومعالجة وتزويد باستثناء المصفاة. إذا قررت الحكومة يوم الأربعاء مثلا إنهاء امتياز المصفاة بقرار موقع من مجلس الوزراء فإن ما سيحدث هو حالة تشوه في قطاع الطاقة حيث ينتهي الدعم الحكومي للطاقة ولكن مصفاة البترول تحافظ على احتكارها التام للمشتقات النفطية.

في كل معادلة الطاقة في الأردن لا زالت المنشآت والمرافق مملوكة للحكومة ، وباستثناء شركة توليد الكهرباء التي تحولت أغلبية أسهمها إلى القطاع الخاص وإلى شركة دبي كابيتال فإن كل نظام الطاقة في الأردن لا يزال حكوميا محتكرا ، ومن الصعب توقع نشوء منافسة حقيقية قبل 3 سنوات على الأقل.

الإستراتيجية الوطنية الجديدة للطاقة أكدت في عدة فقرات أنه قد حدث "تأخر في توسعة مصفاة البترول بسبب عدم الاتفاق مع الشريك الإستراتيجي" وهذه أول حالة تخاصية في الأردن تتلكأ بهذا الشكل ، مما سيعطي المصفاة فرصة الاستمرار في احتكار السوق لسنة أو سنتين ولكن سيكون مصيرها بعد ذلك وكذلك مصير المستهلكين في مهب السوق في حال تم إنشاء نظام تنافسي مفتوح. سوف تصل الأسعار إلى القمة في حال استمرار الاحتكار وبدون نظام منافسة يتيح لعدد من الشركات استيراد وتخزين ومعالجة وتوزيع المشتقات النفطية لن يدخل السوق في آلية التنافس التي يمكن أن تخفض الأسعار.

الآلية المقترحة لتحرير قطاع الطاقة والتي لم تحدد معالمها بعد باستثناء ما ورد في إستراتيجية الطاقة تشير إلى وجود منظومة من خمس شركات متكاملة بعضها مملوك للحكومة وبعضها للقطاع الخاص للقيام بتنفيذ مراحل الاستيراد والتكرير والتوزيع والخدمات اللوجستية مع استبعاد إنشاء مصفاة جديدة قبل 3 سنوات وهذا ما يشكل نوعا من "الاحتكار التضامني" بين هذه الشركات سيساهم في تثبيت الأسعار ضمن الحد الأعلى ، ومن الضروري فتح حوار جاد مع خبراء الاقتصاد والطاقة في الأردن لتطوير آلية تنافسية أكثر قدرة على خفض الاحتكار والأسعار معا.

تسعة دنانير وتسعون قرشا مبلغ باهظ وكبير جدا للأسرة الأردنية والتي سوف تخرج من فصل الشتاء بحالة من الانهاك المالي قد لا تتم معالجتها قبل الشتاء التالي ، وربما لا يكون من المستغرب قيام بعض البنوك بمنح المواطنين قروضا لاسطوانات الغاز في الشتاء لأن اية زيادات في الرواتب لن تلبي الحاجة ، وهذا يضطر المواطن الأردني إلى التدفئة بالديون كما يعيش معظم حياته بالديون.

batir@nets.jo



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد