العلاقة الأردنية - السورية في بعدها الإقليمي ؟ .

mainThumb

31-12-2007 12:00 AM

تخطت العلاقة الأردنية - السورية "عنق الزجاجة" الذي اعتصرها طوال سنوات أربع عجاف من القطع والقطيعة ، بيد أنها لم تغادر بعد "غرفة العناية الحثيثة" ، فالكثير من العوامل الثنائية و"الإقليمية" التي أدت إلى تردي هذه العلاقات ما زالت قائمة.

بين عمان ودمشق العديد من الملفات الثنائية العالقة ، من المياه إلى الحدود إلى الأمن مرورا بالمعتقلين وغيرها ، بيد أن هذه الملفات على أهميتها ، لم تكن مسئولة عن تردي هذه العلاقات ، بل أنها في معظمها ، انعكاس للسبب الرئيس في التأزم الذي طبع العلاقات السورية - الأردنية خلال الفترة الماضية ، والمتمثل أساسا في اصطفاف عمان ودمشق في خندقين متقابلين إقليميا ، وعلى امتداد خطوط التماس المشتعلة في المنطقة ، من فلسطين إلى لبنان مرورا بالعراق وصولا إلى إيران ببرنامجها النووي ونفوذها الإقليمي المتصاعد. لذلك كان يتعين على الجانبين إيجاد أرضية سياسية مشتركة تساعد على استعادة دفء العلاقات الثنائية وتوفر منصة لتطوير التبادل والتعاون بين البلدين في شتى المجالات ، وقد وفر البيان المشترك الذي صدر عن زيارة الملك الأخيرة لدمشق ، الفرصة لإنجاز التوافقات العامة حول عدد من قضايا المنطقة ، التي أسست بدورها لالتئام اللجنة العليا المشتركة مؤخرا في عمان ، وأفسحت في المجال أمام إمكانية تحقيق تقدم ملموس في "حلحلة" العقد الثنائية ، وهذا ما جعل التوقيع على 12 بروتوكولا واتفاقية تعاون أمرا ممكنا أيضا ، وها نحن نستمع لأنباء مفرحة عن إمكانية اتخاذ خطوات لتسهيل إجراءات السفر على ضفتي الحدود ، وهذا بحد ذاته أمر مفرح ، فالعلاقة بين البلدين في أبعادها الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتجارية والسياحية يجب ألا تتأثر بتقلبات السياسة وحراك المحاور وتبدلات المواقع والمواقف ، فهي مصلحة عليا للناس والمواطنين هنا وهناك.

على أننا ونحن نتابع بارتياح ، التطور الملموس في العلاقات الأردنية السورية ، ينتابنا القلق من مغبة تأثر هذه العلاقات سلبا بتطورات الإقليم من حولنا ، إذ في الوقت الذي تبدو فيه الطريق بين عمان ودمشق سالكة في الاتجاهين ، تبدو أجواء العلاقة بين دمشق وكل من القاهرة والرياض ملبّدة بالغيوم ، وليس من المستبعد أبدا أن يتحول الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب الذي دعت إليه هاتان العاصمتان لمناقشة المسألتين الفلسطينية واللبنانية ، إلى ساحة اشتباك مع دمشق ، لاسيما بعد التصريحات اللافتة التي أطلقها الرئيس مبارك وحمّل فيها سوريا القسط الأوفر من المسؤولية عن إخفاق اللبنانيين في انتخاب رئيس جديد لهم ، متماهيا بذلك مع مواقف الرئيس الفرنسي العائد للتو من "إجازة عشق" في ربوع "مصر الفرعونية" حرص في خلالها على اصطحاب لبنان معه واستحضاره وفقا لتعبير طلال سلمان "بين قُبلتين".

للأردن مصلحة في الاحتفاظ بعلاقات طيبة مع سوريا ، من دون أن يترتب على ذلك أية تداعيات من أي نوع في علاقاتها مع بقية أطراف ما يعرف بـ"الرباعية العربية" ، فالأطراف الثلاثة الأخرى في هذا الإطار ، ذهبت بعيدا على طريق استعادة "دفء" علاقاتها مع إيران ، برغم أن الهاجس الرئيس وراء تشكيل "الرباعية" وإنشاء "حلف المعتدلين العرب" كان يتمثل في "الخطر الإيراني" ، وإذا كان العرب الآخرون قد ارتأوا الشروع في "اشتباك إيجابي" مع "محور طهران دمشق وحلفائهما" من البوابة الإيرانية ، فليس ثمة ما يمنع ، بل ومن باب أولى ، أن يأتي الاشتباك الأردني الإيجابي مع هذا "المحور" من البوابة السورية الأقرب.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد