قيم الخصخصة وقيم الحمص والفول

mainThumb

17-01-2008 12:00 AM

منذ تحول بعض المؤسسات الحكومية الى شركات خاصة أو شبه خاصة، تدار بطريقة القطاع الخاص في الادارة اضطربت أحوال عدد لا بأس به من موظفي تلك المؤسسات. هؤلاء تعرضوا فجأة الى انقلاب في السلوك الوظيفي، يشبه انقلاب الطقس من موسم الى موسم مع فارق ان الانقلاب المناخي طبيعي وهادئ وله بداية ونهاية، لكن الانقلاب الذي اجتاح موظفي الحكومة، الذين دخلوا عالم الخصخصة على حين غرة، يكون مبهماً بأدواته وتطبيقاته وحتى في لغة التخاطب، والنهاية المرجحة لمن لا يتفاهم مع الأدوات الجديدة أو يفهم اللغة، ستكون البقاء على الرصيف في يوم آت لا ريب فيه.

هذه الصورة يحاول اعداء الخصخصة تضخيمها والنفخ فيها، لاقناع اصحاب القرار بأن الخصخصة شر مستطير يجب تجنبه بالغاء التوجه من أساسه، واعادة الامور على ما كانت عليه.

هؤلاء طبعاً ينكرون ايجابيات الخصخصة، وعند محاولة ذكرها، يمرون عنها على اعتبار انها غير مهمة، ولا يجب الالتفات اليها أو اعتمادها كسبب للتمسك بالنهج كله.

ما بين وجهتي النظر، لا بد من الصبر في الحكم على الامور، ومنح مزيد من الوقت، وتحمل مزيد من الكلفة، حتى لا يأتي التغيير عاصفاً يدمر كل ما في طريقه ولا خجولاً متردداً ينبطح تحت ضغط منظمات ليس لها من عمل سوى تنظيم المسيرات ورفع اليافطات أمام عدسات الفضائيات، التي تبحث عن مادة تعبئ فيها ساعات البث الطويلة والمتكررة بتنافس ظاهرة البحث عن الحقيقة وباطنه ملء الفراغ بالاثارة.

المشكلة ليست بالخصخصة ولا في عدمها، بل في عدم الاعتراف بأن الدنيا تتغير كل يوم، وبعضنا لا يريد ان يتغير حتى وهو يعبر من قرن الى قرن، وفي الغالب الرغبة في عدم التغيير دافعها انحياز للكسل والتمسك بمكاسب قليلة أو كثيرة لكنها في الحالتين تحصيل حاصل ولا تتطلب أي مجهود.

والى ان تتغير هذه العقلية وستتغير حتماً سنظل نسمع مواويل الظلم وسنظل نشاهد صور الاعتصامات امام مجلس النواب والرئاسة والامم المتحدة وأبواب كثيرة بحكم العادة والروتين صارت أماكن للتظلم، وطبعاً أمام أبواب الشركات التي يرفض نظام العمل بها، البدء بقراءة الجريدة ولا سيما صفحات النعي لمعرفة من مات من الأقارب والانسباء والأصدقاء لغايات القيام بالواجب فيما يتم شرب فنجان قهوة بمنتهى التأني مع شفط اكثر من سيجارة الى نهاية القراءة، ثم التهام صحون الحمص والفول مع بعض البصل وكوب شاي كبير وإجراء مكالمات هاتفية مع الأقارب والاصدقاء، وبعد ذلك النظر في معاملة او معاملتين وتأجيل الباقي للغد بسبب ضيق الوقت لينتهي الدوام قبل موعده بنصف ساعة او اكثر يتم فيها الاستعداد للمغادرة وضبضبة بعض الاغراض الخاصة مثل الكاسات والسخان الكهربائي وكيس شاي ومثله سكر.

هذا السلوك والخصخصة على طرفي نقيض ولا بد لاحدهما ان يلغي الآخر ببساطة ووضوح!!



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد