جولة بوش: للحرب أم للسلام! .

mainThumb

09-01-2008 12:00 AM

منذ عهد كارتر في السبعينيات من القرن الماضي يحرص الرؤساء الامريكيون على القيام بمهمة مزدوجة في الشرق الاوسط, واحدة تتعلق بالحرب واخرى بالسلام, الرئىس كارتر خاض عملية عسكرية محدودة ضد الخميني على خلفية احتجاز الرهائن في السفارة الامريكية بطهران, كانت عملية فاشلة, غير انه حقق نجاحا غير مسبوق في العملية السلمية عندما جلس السادات وبيغن في حديقة البيت الابيض لتوقيع معاهدة سلام.

الرئيس ريغان الذي جاء بعده, خاض حربا بالوساطة عندما غزت القوات الاسرائيلية لبنان في عام 82 واحتلت بيروت, حرب كاد ان يتورط فيها عندما استعرضت البوارج وحاملات الطائرات الامريكية قوتها قبالة الساحل اللبناني وبدأت بدك مواقع القوات السورية في الجبل.

حرب ريغان - بيغن فشلت ايضا بفضل المقاومة اللبنانية, وفيما تحطمت معاهدة 17 أيار بين اسرائيل ولبنان قبل ان تولد, ولد حزب الله في ذلك التاريخ ليفتح فصلا جديدا في الحروب ضد اسرائيل.

لقد اخذ ريغان على عاتقه اقصاء القوة العسكرية لمنظمة التحرير من لبنان بعيدا عن اسرائيل, تحت غطاء ما يسمى بمبادرة ريغان لحل القضية الفلسطينية التي تبعتها مبادرة العرب في قمة الرباط. لكن عهده انتهى بالنجاح في اشعال الحروب وليس صنع السلام في المنطقة, وكانت الانتفاضة الفلسطينية الاولى ردا على حروب ريغان - بيغن ضد المنظمة.

بعد ريغان جاء بوش الاب ايضا ليقوم بمهمة مزدوجة في الحرب والسلام, في الاولى نجح في تدمير القوة العسكرية العراقية ومحاصرة وعزل نظام صدام حسين. وفي الثانية, نجح في عقد مؤتمر مدريد بين الاسرائيليين والعرب, الذي انتهى باتفاق اوسلو ومعاهدة وادي عربه. وفيما أسس بوش الاب لاستمرار حالة الحرب وعدم الاستقرار في المنطقة فانه فشل في خلق مسيرة سلام حقيقية بين الفلسطينيين والاسرائيليين.

في عهد كلينتون, تكرر المشهد الشرق اوسطي من منظور سيد البيت الابيض, البحث عن الحرب »والسلام«. في الحرب كان غزو الصومال والفشل في البقاء هناك. وكذلك اصدار قانون »تحرير العراق« المؤيد بموجات القصف المتكررة على بغداد بصواريخ الكروز. اما العملية السلمية في عهده فكان مؤتمر كامب دي يد الثاني بين عرفات وباراك, الذي انتهى بفشل ذريع قاد لاندلاع الانتفاضة الثانية ووصول عملية السلام الى طريق مسدود.

في عهد بوش الابن فقد ازدهرت الحروب في الشرق الاوسط وغابت خلف الافق الآمال بالاستقرار والامن والسلام, من غزو افغانستان الى احتلال العراق, الى اطلاق يد شارون بغزو اراضي السلطة الوطنية الفلسطينية, واطلاق يد أولمرت لدك وتدمير بيروت والبنية التحتية في لبنان. واخيرا دفع المنطقة كلها الى شفا هاوية مستقبل مجهول بتهديده بقيام حرب عالمية ثالثة اذا امتلكت ايران السلاح النووي او اذا لم تتخل عن برنامجها.

بعد سبع سنوات من رئاسة بوش, وفي السنة الاخيرة من حكمه يصعب تصور ان الصقر سيتحول الى حمامة, وان داعية الحرب المكلف والمؤيد من السماء سيتحول الى ملاك سلام ورحمة. لكنه, كعادة من سبقه من ساكني البيت الابيض من الرؤساء اوجد له مهمة سلام تمثلت في مؤتمر أنابوليس. فهل ستكون جولته الراهنة في سنته الرئاسية الاخيرة من اجل الحرب مع ايران ام من اجل »السلام«?

نأمل ان يتأثر الرئيس بوش بأجواء الهدوء النسبي التي تسود في المنطقة ليركز اهتمامه على ترك - كلمة طيبة - بحقه في التاريخ من خلال صنع سلام حقيقي ليس في فلسطين فقط, انما في لبنان والخليج والعراق.

انه امل (ابليس في الجنة) كما يقول المثل, لكن يبقى التفاؤل قائما لان جولة بوش ستكون الاخيرة, ولان رحيله عن البيت الابيض بات قريبا وان ضحايا حروبه يستعدون منذ الآن (لكسر الفخار) من بعده.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد