صحيفة السوسنة الأردنية

يتفنّن فلسطينيو آخر زمن في مناكفاتهم السياسية ، وتقليعاتهم النضالية ، ورحم الله أياماً كان فيها الخلاف بين ياسر عرفات وجورج حبش لا يتجاوز اللياقات ، وظلّ يتعلق على الدوام بالعمل النضالي ، وبفلسطين نفسها ، وإذا كان هناك من تعبيرات حادة فلم تتناول التجريح الشخصي ، أو التخوين الوطني.

ولسنا نعرف كيف توصّل العقل الحماسي إلى أسلوب نضالي جديد ضدّ غرمائهم في فتح ، يقضي بحلق شواربهم ، والتمثيل بأشكالهم ، وكأنّنا نلعب في ساحة مدرسة ابتدائية ، أو كأنّنا نتجوّل في حيّ الباطنية المصري ، لا في أنبل أرض ، وضمن شعب عظيم ، وفي سبيل قضية هي الأعدل في تاريخ البشرية.

فما قام به أفراد حركة حماس ، مع مناضل فلسطيني قديم ، ومعروف ، لا يعدو كونه مرآة تعكس الدرك الأسفل الذي وصلت إليه الأطراف الفلسطينية في تعاملها مع بعضها البعض ، والكارثة أنّ الأمر يأتي في ظلّ مقاتلات إسرائيلية تتصيّد المناضلين الفلسطينيين في غزّة ، وقوات إسرائيلية تقتل ذات اليمين ذات الشمال في الضفة.

حلق الشارب في الثقافة العربية يشكّل إهانة عظيمة ، وهذا ما أراده القائمون بالعملية ، وفي حقيقة الأمر فهم بهذا يهينون أنفسهم قبل غيرهم ، ويصوّرون أهل فلسطين بما ليس فيهم ، وهذا في حقيقة الأمر ما يدعونا إلى القرف من ناس نسوا أساس وجودهم ، وتنصّلوا عن أبسط واجباتهم الوطنية.