التيار الوطني .. أزمة الهوية والدور

mainThumb

30-12-2007 12:00 AM

لا تكمن مشكلة الكتلة النيابية الكبيرة "التيار الوطني"، التي يقودها عبد الهادي المجالي، في أنّها تسبق تأسيس الحزب السياسي المنتظر، على عكس التقاليد المعروفة في النظم الديمقراطية. فبالعودة إلى تاريخ تأسيس وتشكل الأحزاب السياسية في الغرب فإنّ البرلمان هو أحد أبرز مصادرها، بخاصة في بريطانيا. إنما المشكلة الحقيقية، التي تعاني منها كتلة المجالي، تتمثّل في أزمة "الهوية والدور"!

هذا التيار في طبيعة تكوينه ووجهته المستقبلية يقف بين احتمالين. الاحتمال الأول أنّه يشكل "خياراً رسمياً" في التعامل مع المرحلة القادمة. على هذا الصعيد فإنّه سيبقى ابناً "غير شرعي"، في ظل استمرار تأكيد الدولة على عدم وجود "حزب" معين لها، حتى وإن كان يحظى برعاية الدولة حالياً، فسيبقى قلقاً في هويته، بخاصة إذا ما تغيرت المعطيات والقراءة الرسمية التي أنتجت فكرته أو ساهمت في تركيبتها الحالية، ما يهدد الحزب وكتلته النيابية بالانهيار السريع، كما كان التشكّل سريعاً.

على هذا الصعيد؛ فإنّ دور الكتلة البرلمانية يقتصر على "دعم الحكومة"، في ظل الوصاية الرسمية على مواقف العديد من النواب. ويكمن التساؤل، هنا، حول الحاجة إلى خلق هذه "الكتلة" ابتداءً، ما دامت الحكومة قد حصلت فعلاً على ثقة "ذهبية"، غير مسبوقة، وأنّها تمتلك "أكثرية مطلقة" تتجاوز "الأكثرية البسيطة" التي تحوزها الكتلة الجديدة؟! فالكتلة – وفقاً لهذه الحسابات- بمثابة "عنوان" إضافي لا قيمة جوهرية له!

الاحتمال الثاني هو أنّ هذا التيار لا يحظى بإجماع مؤسسات الدولة، إنما بعضها. ولا يزيد على كونه يمثل تقاطع مصالح بين عبد الهادي المجالي وبين بعض الجهات في الدولة، في سياق التعامل مع المرحلة الحالية وتمريرها (من رفع الأسعار وتداعياتها اجتماعياً وامنياً إلى استحقاق العلاقة مع الضفة الغربية إلى أزمة العلاقة مع الحركة الإسلامية)، ما يجعل مستقبل هذا التيار معرّضاً لتحولات تطور علاقة المجالي بهذه المؤسسات وما يمكن أن تتعرّض له هذه العلاقة من أزمات وانتكاسات، وربما تغيرات جذرية.

في المقابل؛ فإذا كان تيار المجالي لا يحظى بدعم كافة مؤسسات الدولة، فإنّ دور التيار مهدد بوجود منافسين سياسيين له، ترعاهم مؤسسات أخرى في الدولة، وبعض هذه العناوين موجود وقائم فعلاً اليوم. هذا الاحتمال سيجعل المشهد السياسي في المرحلة القادمة معبراً للصراعات والأزمات، التي بدأت تطفو على السطح داخل مؤسسات الدولة نفسها. فبدلاً من جدلية العلاقة بين الدولة والإخوان ربما نشهد لاحقاً جدلية العلاقة بين هذا التيار وتعبيرات سياسية تمثل أطرافاً أخرى في مؤسسات الدولة.

في الحقيقة؛ ما يشجع على فرضية "عدم وجود إجماع في الدولة على مشروع المجالي"، على المدى البعيد، أسباب متعددة أهمها؛ أنّ الدولة لا تتبنى المشروع رسمياً، ما يُحلُّ أية جهة في الدولة من أي التزام تجاهه، وربما يضعف أو يتلاشى الدعم الحالي بعد مرور المرحلة القريبة القادمة. أمّا السبب الآخر فيعود إلى أنّ المجالي شخصية جدلية، ولديه خصوم كبار في المؤسسات الرسمية. وقد لعب، تاريخياً من خلال موقعه في البرلمان، دوراً مناهضاً لـ"مفاصل" تمسك اليوم بأهم خيوط اللعبة السياسية. فليس من المتصور أن يتم تعبيد الطريق للمجالي ليتكرس زعيماً لحزب يحظى بقاعدة سياسية عريضة، إلاّ إذا كانت هنالك صفقة كبيرة وقعت بين المجالي وبين "خصومه"، ما لم تحدث مؤشرات واضحة عليه إلى الآن.

بقي القول؛ إنّ فكرة تشكيل تيار يُمثّل "اليمين" لمواجهة المعارضة ترتبط، بالأساس، بسيادة مبدأي تداول السلطة وحيادية مؤسسات الدولة في اللعبة الديمقراطية، وهي المرتكزات غير الموجودة ابتداءً، لذلك فإنّ هوية هذا التيار تتأرجح بين صورة "الابن غير الشرعي" أو "حزب المحافظين"!

بكلمة؛ سيبقى التيار الجديد في مهب الريح تبعاً للقراءة الرسمية وتحولاتها.

m.aburumman@alghad.jo



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد