حصار غزة عنوان مرحلة جديدة

mainThumb

25-01-2008 12:00 AM

حصار غزة ليس خطوة عابرة، أو نزوة صهيونية مرتجلة، وليست مجرد وصف لعمليات وحشية تديرها قوة متغطرسة محمية بالفيتو، وتدير ظهرها لكل أعراف البشر وقوانين السماء، بل الأمر يتعدى ذلك ليشكل معالم مخطط جديد، ابتدعته عقول صهيونية وبموافقة امريكية واطراف اخرى كثيرة.

ابتداء يجب ان نتذكر أن أولمرت هو وريث شارون صاحب نظرية فرض حل اسرائيلي من طرف واحد تلك النظرية التي ترتكز على مقولة أنه ليس هناك شريك سلام مقابل، وليس هناك طرف وآخر قادر على المضي بعملية السلام، وحتى تصح هذه النظرية ويسهل تسويقها عالميا تخلصت (اسرائيل) من عرفات وتاريخه ورمزيته ومجيء وريث ضعيف لا يملك من أوراق عرفات شيئا، ويتوازى ذلك مع الوصف المفروض على مشروع المقاومة بأنه ارهاب يستحق المحاصرة والاجتثاث.

اسرائيل تلميذة امريكا تقيم مشروعها على عنصر القوة فقط، بالقوة قامت اسرائيل، وبالقوة تم تهجير أهل فلسطين، وبالقوة تم تطويع الدول والأنظمة، وبالقوة تم تغيير الخطاب العربي، وبالقوة صدرت قرارات دولية، وبالقوة تفرض ثقافة وتبدل قيم جديدة، وبالقوة أيضا وحدها تستطيع اسرائيل فرض وجهة نظرها وفرض حل من طرف واحد، ولذلك بالقوة وحدها يجب تدمير مشروع المقاومة الفلسطيني، وتدمير معنويات الشعب الفلسطيني، وبالقوة تعتقد (اسرائيل) تحقيق حلم قادة صهيون قديما وحديثا رمي غزة كلها في البحر، يعتقد أولمرت انه يستطيع من خلال الحصار تطويع مشروع المقاومة في غزة ليتنازل الى ما وصلت اليه سقف من سبقوا، بحيث يصبح التفاوض من طرف واحد ومن جانب واحد وفرض حل من طرف واحد يتلخص بنقاط رئيسية : أ- لا للعودة الى حدود الرابع من حزيران ب- لا لحق عودة اللاجئين الى اراضيهم وديارهم ج- لا لتقسيم القدس العاصمة الابدية د- لا لتفكيك المستعمرات في الضفة الغربية ه- لا لدولة فلسطينية ذات سيادة كاملة وحدود خارجية وقوة حقيقية. وأخيرا تم اضافة نقطة أخرى أكثر خطورة وهي يهودية دولة اسرائيل.

أمام هذا الواقع البائس والمؤلم، لا بد من البحث عن نظرة تفاؤل حقيقية وليست وهمية، إذ أن مقولة :اسرائيل تملك كل وسائل القوة ليست صحيحة مطلقا، فالجانب العربي يملك أوراق قوة بكل تأكيد، وهي كثيرة ومؤثرة ان توفرت الارادة العربية.

الدول العربية المجاورة، بعضها من يزود اسرائيل بالبترول والغاز وبكل تأكيد أن هذا التزويد ورقة حقيقية تملكها مصر، وتستطيع استعمالها أو التلويح بها، عندما تصل الخطوات الاسرائيلية، الى حد حرب الابادة ، وتتعدى مسألة الاغتيالات والاجتياح والاعتقال بحق أفراد وقادة المقاومة، لتصل الى حد ابادة شعب بكامله، فتلك مسألة انسانية لا يمكن السكوت عليها.

بعض الدول العربية لها علاقات مختلفة الدرجات والمستويات مع اسرائيل بعضها سياسي، وبعضها اقتصادي، وبعضها علمي، وغير ذلك، ولذلك تستطيع هذه الدول اعلان موقف موحد متدرج يبدأ من الانذار والتلويح الى حد التوقف.

بعض الدول العربية تملك معايير دولية استراتيجية، وبعضها يملك تصدير كميات كبيرة من النفط للعالم، وهذا كله ينبغي أن يكون من اوراق القوة التي يملكها العرب وتمكين توظيفها في حماية حق الشعوب العربية مجدها الاولي دون ان يصل الى مستوى اعلان الحرب.

أن الاستمرار في حصار غزة على هذا النحو، بحيث يتم خنق شعب بأطفاله ونسائه ورجاله، وتدمير مقومات الحياة لمليون ونصف من البشر بهذا العقاب الجماعي إنما هو حرب ابادة بمعناها القانوني وتطبيقها الواقعي الكامل، وهذا سوف يكون له آثار بالغة الخطورة تتعدى آثارها الشعب الفلسطيني الى كل الشعوب العربية والاسلامية، وسوف يكون ذلك بوابة حقيقية لتداعيات مرعبة ليست في حسبان الكيان الصهيوني المتغطرس، حيث أن ذلك سوف يكون له مساس مباشر بأمر المنطقة كلها، ولن تكون القوة قادرة على معالجة الامر، ولكن حيث لا ينفع الندم.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد