لو انهم يصمتون! .

mainThumb

12-01-2008 12:00 AM

انهم مثلنا تماماً!.

لهم رؤوس فوق اكتافهم، ولهم عيون وانوف في وجوههم، ولهم آذان في رؤوسهم، يرتدون السترات المحلية او المستوردة والقمصان الزاهية واربطة العنق، ويقودون سياراتهم بالقليل من الثقة والقليل من الحذر، ويبتسمون لك على طريقتهم الخاصة التي تشعرك انهم يشتمونك بخبث، وربما لا يختلفون عنا سوى بكوننا لا نلبي دعوات السفارات او السفراء، ولا نؤسس مراكز دراسات تتلقى ميزانياتها بالدولار وتنفقها بالدينار، ولا يكاد يشغلنا ما يشغلهم من اعتبار النفاق نوعاً من الخدمة الوطنية وشكلاً من اشكال العمل التطوعي، الذي سرعان ما نتوقف عن القيام به، اذا لم نتلق الثمن ونقبض المكافأة ويدنينا هذا المسؤول او ذاك الى باب مكتبه او باب بيته او باب سيارته او باب الخزينة العامة.

هؤلاء: لا نحتاج الى ذكاء خاص او وعي فريد، حتى نتعرف عليهم، ذلك انهم مثلنا يمارسون الكتابة اليومية او الاسبوعية، وليسوا سذجاً بحيث يزعمون مثلنا انهم يقاتلون بالكلمة، ويضعون قدراتهم على التعبير في خدمة الوطن ومن اجل الناس، ونحن في معظمنا لا نبدي اعجاباً بهم، ولا نتمنى ان نكون مثلهم، ونعرف اننا سنكون موضع ازدراء ابنائنا وقرائنا بل وحتى هؤلاء الذين نتوجه اليهم بنفاقنا، الذي يبلغ احياناً درجة من الاسفاف بحيث يمكن ان يعاقب عليه القانون لأنه في طرفه يصير اقرب الى الشتم منه الى المديح، واقرب الى الضحك على اللحى منه الى اعلان الاحترام الحقيقي لها.

من هنا اتمنى على الاخ المهندس نادر الذهبي ان يعهد الى لجنة موثوقة بتجميع المقالات التي كتبت عنه وعن حكومته منذ اليوم الاول لتشكيلها وخلال شهر او شهرين مرا على هذا التشكيل، ثم تقوم هذه اللجنة بوضع هذه المقالات في جدول من اربع خانات: واحدة للمقالات الموضوعية، وثانية لمقالات المجاملة، وثالثة لما يصعب ايجاد صفة لها، والرابعة لمقالات النفاق، ولان المقالات الموضوعية قليلة جدا، والكتّاب لا يطلبون من وراء كتابتها ونشرها منصبا او مصلحة او مكسبا، فيمكن عدم التوقف معها، واعتبارها ليست جزءا مما تهتم به مقالتي اليوم، وكذلك هو الامر بالنسبة لمقالات المجاملة التي لا تختلف عن اعلانات التهنئة، سواء التي تدفع تكلفة نشرها ادارة الشركات من اموال المساهمين، او التي تدفع هذه التكلفة (بيت مال المسلمين) الذي اؤتمن عليه محافظ او مدير عام او اقل درجة من هذا وذاك، ثم نذهب الى الخانة الرابعة، للوقوف معها وطرح التساؤلات المحزنة حول توظيف بعض الاقلام لحبرها لما ليس فيه خدمة حقيقية للوطن والناس او للمسؤول الذي تم تدبيج مقالات انفاق لشخصه، واستطيع الزعم ان ايا من رؤساء الوزراء الذين تعاقبوا على هذا الموقع خلال السنوات العشر الاخيرة، يمكن ان يكونوا فخورين او سعداء او معجبين بما يكتبه بعض الكتّاب عنهم، عندما شكلوا حكوماتهم، ولو اجرينا مقارنة بين المقالات التي كتبت عن شخص المهندس نادر الذهبي وحكومته، فاننا سنجد تطابقا تاما في الفكرة وتطابقا شبه تام في الاسلوب والالفاظ، فما قيل ويقال عن المهندس الذهبي، سبق وقيل عن السيد معروف البخيت، وقبله على السيد فيصل الفايز وقبله على المهندس علي ابو الراغب وقبلهم على السيد عبدالرؤوف الروابدة.

هذا الامر السيء المستمر في بلدنا، آن الأوان لمحاصرته والاجهاز عليه، وهؤلاء الذين احترفوا النفاق للمسؤولين وبخاصة رؤساء الوزراء عندما يشكلون حكوماتهم، يضعنا مباشرة امام ما تفعله بعض الأسر المصرية، عندما تفقد عزيزاً عليها، فتقوم باستئجار الندابات المحترفات، اللواتي يذرفن الدموع ويمزقن الجيوب ويخمشن الخدود، من اول النهار حتى ساعة متأخرة من الليل، ومنذ اليوم الاول لرحيل المتوفى وحتى اغلاق ابواب العزاء، وتختلف اجرة ندابة عن ندابة، ولهن وكلاء معتمدون، وهواتفهن المنزلية معروفة والآن يستخدمن الهواتف الخلوية، المثبتة على بطاقات بيضاء بخط اسود على زاويته.

هل ابالغ؟ لا اعتقد ذلك، واي متابع للمقالات والاعلانات، يستطيع ان يقف على هذه الظاهرة، لكن المشكلة ان لا احد يحاسب احداً، لا قانون المطبوعات والنشر ولا نقابة الصحفيين ولا قانون العقوبات ولا الكثير من المسؤولين، الذين يثورون اذا وجه اليهم نقد موضوعي او ظالم، ولكنهم لا يثورون عندما يوجه اليهم نفاق سيء ليس منه نفع وضرره اكبر من ان يعالج.

kmahadin@hotmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد