عبقرية نيابية

mainThumb

09-01-2008 12:00 AM

مذكرة الاربعين نائبا ، التي تطالب بأن يدفع المواطن ، من ماله ، لدعم مربي المواشي ، تحت اسم فلس مربي المواشي ، مذكرة ، لا تستحق المناقشة ، فلماذا يدعم المواطن ، مربي المواشي ، وغدا سيخرج علينا ايضا مصنعو السجاد ، وسيطلبون ، فلسا للسجاد ، وبعدهم ، مزارعو الموز في الاغوار ، تحت اسم "فلس الموز".

لا احد يعرف ، كيف تفتق ذهن بعض النواب ، عن هكذا مذكرة عبقرية ، ففلس الريف ، الذي يدفعه المواطن على فاتورة الكهرباء ، منطقي ، لان الكهرباء خدمة عامة ، ويستفاد من حصيلة هذا الفلس ، لايصال الكهرباء الى كل المناطق ، في المملكة ، اما تربية المواشي ، فهي تخص مربين وتجار ، فهل المطلوب ان يدعم المواطن تاجرا او مربيا للاغنام ، ولماذا يدفع المواطن ، دعما ، لقطاع ، قد لا يستهلك الغالبية منتجاته ، من اللحم البلدي ، تحديدا ، خصوصا ، ان الاكثرية اليوم ، تشتري اللحم المستورد ، ويريد النواب العباقرة ، ان يدعم الفقراء والموظفون ، اللحم البلدي ، حتى يستهلكه الاغنياء مدعوما ، من فواتير كهرباء الفقراء ، والطبقة الوسطى.

مربو المواشي ، قطاع اقتصادي ، يعاني مثل غيره ، من القطاعات ، فهناك قطاعات اخرة تعاني ، وغدا سيكون مطلوبا ، من المواطن ، ان يوزع راتبه ، من اجل دعم الحكومة ، والجامعات ، والتلفزيون ، ومربي الاغنام ، وغير ذلك من قصص ، بعضها منطقي ، والبعض الاخر غير منطقي بتاتا ، واذا كنا نؤمن بالتكافل ، فهو ايمان مشروط ، بأن يكون التكافل ، في نتائجه ، موزعا على الجميع ، اما تكبيد الناس ، مبالغ اضافية على فاتورة الكهرباء ، تحت اسم فلس مربي الاغنام ، فهذه صرعة العام الجديد ، فقطاع المربين ، قطاع اقتصادي ، يرفع اسعاره ويخفضها ، وفقا لوضع السوق ، وليس مطلوبا من المواطن ، ان يدعم منتج اللحم البلدي ، وهو لا يستهلكه اصلا ، الا اذا كان السادة النواب يعتبرون ان كل المواطنين ، دخولهم مرتفعة كحالة النواب ، ولا يستهلكون ، الا اللحم البلدي ، كحالة النواب الافاضل ، ايضا.

انها المفارقة ايضا ، فقد كان الاولى بالنواب ، واولئك الذين لم يحالفهم الحظ ، خلال ترشيحهم لخوض الانتخابات النيابية ، ان يوفروا مئات ملايين الدنانير التي هدروها ، خلال حملاتهم الانتخابية ، على المناسف ، واليافطات ، والخيم الانتخابية ، وشراء الذمم من جانب البعض ، ثم مآدب ما بعد الفوز ، لبعض النواب ، والتي اريقت فيها دماء الاف الذبائح ، احتفالا بالفوز ، كان الاولى توجيه هذه النفقات لتعليم الطلبة ، او كفالة الايتام ، او حتى دعم مربي الماشية ، كما يقولون ، الا انها الغرابة ، في اسوأ صورها حين يتسبب هؤلاء بأرتفاع الاستهلاك على اللحم البلدي ، ثم يأتي بعضهم ليطالب المواطن العادي ، بدعم مربي المواشي ، وهي ايضا حكمة جديدة تحت عنوان "اللي ما معاه .. يعطي اللي معاه"..ولم يجد النواب ، وسيلة لمجاملة مربي المواشي ، في مناطقهم ، الا بمطالبة ، من يستهلك اوقية لحم مجمد في الشهر ، بأن يدعم من يمتلك عشرين الف رأس من الغنم ، او حتى الف رأس من الغنم.

لم يجد النواب ، بعضهم ، لمواجهة مشكلة رفع الدعم عن الاعلاف ، المقبلة على الطريق ، الا المطالبة ، بحلب المواطن ، باعتباره لايقول "لا" الا في تشهده ، ولعلنا نطالب النواب بالتنازل ، عن مائتي دينار شهريا ، من راتب كل نائب ، تذهب لصندوق تعليم الطالب الفقير ، او مركز الحسين للسرطان ، او حتى لدعم برنامج التغذية المدرسية ، وتحسينه ، وغدا اذا خرج نائب وطالب بمثل هذا الطلب ، فسيكون النواب الذين اطلقوا مذكرة دعم مربي المواشي ، اول الرافضين والمنقلبين ، على ماسوف يسموه "الجباية" وتحصيل الاموال. هذه هي اولى نتائج الانتخابات النيابية ، وعلينا ، ان ننتظر افكار عبقرية دائما ، من هكذا مجلس ، ورحم الله النواب القدامى في المجلس الذين يتفرجون على المشهد ، ولا يمتلكون سوى الابتسام ، تجاه هكذا مطبات ، وتبقى كلمة....نحن مع دعم مربي الماشية الصغار ، بغير وسيلة فلس الاغنام ، اما كبار المربين ، فأنصحهم ان يصلوا صلاة الاستسقاء ، لعل الله ، يغيثهم بحل غير "السلبطة"على جيوب المواطنين ، وغير هذه الاقتراحات ، التي تريد ان تجعل نصف الناس ، اجراء عند النصف الاخر ، دون سبب معلوم.

M.tair@addustour.com.jo



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد