لماذا التردد في حسم الموقف من أدوات المعرفة الحديثة؟ .

mainThumb

16-01-2008 12:00 AM

ربما يكون الجدال الذي نشب في وسائل الإعلام ما بين "المحافظين" و"الديجيتال" مقتصرا على ما يسمى "النخبة السياسية والاقتصادية والإعلامية" في الأردن ولا يؤثر مباشرة على نوعية حياة المواطن العادي الذي تحاصره موجات ارتفاع الأسعار من كل حدب وصوب.

من المنطقي وجود تباينات في المواقف والرؤى السياسية والاقتصادية والمصالح بين الحرس القديم والجديد في منظومة صناعة القرار الأردني ، ولكن ما يثير الدهشة هو التوجه للسخرية من جيل "الحرس الجديد" باستخدام كلمة الديجيتال.

وإذا ما تتبعنا بعض الآراء من الشخصيات السياسية المحافظة وربطناها حتى مع بعض التعليقات الموجودة في المواقع الإلكترونية (ساحة الحرية للشعب الأردني) نحس وكأن اقتناء الحاسب النقال بات مثل حيازة المخدرات في الثقافة الأردنية وأن القدرة على استخدام تكنولوجيا المعلومات تهمة مرتبطة بمجموعة تريد تفكيك الدولة الأردنية.

ولكن الواقع هو أن الدولة الأردنية بحاجة إلى الإنتقال الكلي إلى ثقافة الديجيتال وهذا هو التوجه الذي يدعو إليه صانع القرار في الأردن. المبادرات الطموحة مثل دعم حصول كل مواطن على جهاز حاسوب بأقساط شهرية ميسرة وحصول طلبة الجامعات على الحواسيب النقالة كلها أدوات مهمة للانتقال إلى مجتمع المعرفة.

تقريبا كل مجتمعات ودول العالم حتى في إفريقيا الفقيرة حسمت أمرها نحو الحداثة والانتقال الى مجتمع معلومات مفتوح. ولكننا في الأردن لا نزال نسخر من العلم والتكنولوجيا حتى لو كان الساخرون يحملون أحدث أنواع الأجهزة الخلوية ولهم مواقعهم الخاصة على الإنترنت ولكن لديهم مشكلة من كلمة الديجيتال.

قبل شهرين كنت في مكتبة الإسكندرية لحضور ندوة حول التعلم (وليس التعليم ، لأن التعلم عملية ذاتية الدوافع) الإلكتروني في العالم العربي ، وقد إفتتح الدكتور إسماعيل سراج الدين وهو من رموز الدولة المصرية والآن رئيس المكتبة المؤتمر بعرض شامل حول مكتبة الإسكندرية بعنوان "ولدت رقميةBorn Digital"أوضح فيه العلاقة المباشرة بين آليات إنتاج وحفظ المعرفة القديمة في زمن مكتبة الإسكندرية البائدة والطرق التكنولوجية الحديثة والتي اذهلتنا وأوضحت كيف أن هذا المنجز الحضاري وهو مكتبة الإسكندرية سوف يكون ناجحا لأن القائمين عليه حسموا أمرهم بوضوح نحو الحداثة والحضارة مع الحفاظ على التراث.

في دول متقدمة علميا مثل ماليزيا والهند يوجد احترام كبير للهوية الثقافية التراثية ولكن هناك أيضا قناعة تامة بأهمية المعرفة الحديثة ولن يستخدم أي شخص في الهند وماليزيا ولا الإمارات ولا مصر ولا تونس مصطلح "ديجيتال" على سبيل السخرية.

ولكن في الأردن اصبح مصطلح ديجيتال مرافقا للبورجوازية الثرية في عمان مع أن الهدف الرئيسي لكل طموحات التعليم والتحديث التي يقودها جلالة الملك هو أن تكون المؤسسات التعليمية والمنازل في كل محافظات وقرى الأردن ديجيتال ومرتبطة بتدفق المعرفة ، ولكن ماذا نفعل إذا كان البعض لا يزال منقطع العلاقة مع المعرفة الحديثة ولا يريد لها أن تنتشر ويهدف إلى وضع حاجز وهمي بين المعرفة وبين الشعب الأردني بمختلف طبقاته ومواقع تواجده.

batir@nets.jo



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد