صحيفة السوسنة الأردنية

ليس هناك قرار اقتصادي يفيد الجميع ولا يضر أحدا ، فصاحب القرار يوازن بين الايجابيات والسلبيات ويأخذ بالقرار الذي ترجح إيجابياته على سلبياته ، وحتى الدواء له آثار جانبية غير مرغوب فيها ، ولكن لا بد منه لمن أراد الشفاء 0

أقول ذلك بمناسبة الآراء المتضاربة حول استمرار ربط الدينار بالدولار أو إعادة ربطه بسلة عملات ، حيث يعدد أحد أطراف الحوار الايجابيات ويغض النظر عن السلبيات ، ويعدد الطرف الثاني السلبيات ويغض النظر عن الايجابيات 0

ما أحوجنا والحالة هذه إلى حصر الايجابيات والسلبيات لمقارنة المحصلة النهائية 0 والمقصود طبعا من فك الارتباط بالدولار الضعيف هو أن يصبح الدينار أقوى تجاه الدولار مما هو الآن ، بمعنى أن الدولار الذي يساوي الآن 71 قرشا يصبح مساويا 65 قرشا مثلا 0

القطاعات المستفيدة في هذه الحالة هي : الاستيراد ، السياحة الأردنية للخارج ، الوافدون الذين يحولون رواتبهم بالدينار إلى بلدانهم بالدولار، والخزينة بقدر خدمة الديون الخارجية 0 ان القطاعات المتضررة فهي التصدير ، السياحة الواردة ، المغتربون الأردنيون الذين يحولون مدخراتهم إلى الأردن ، والخزينة بقدر المنح الأجنبية 0

القطاعات المستفيدة هي تلك التي لا تستحق التشجيع والدعم ولا تخدم الاقتصاد الأردني ، والقطاعات المتضررة هي تلك التي تستحق التشجيع والدعم ويتوقف عليها نمو وصحة الاقتصاد الأردني 0

أما ما يقال من ان الأردن بلد يستورد أكثر مما يصدر فيقوم على افتراض ان هذا الوضع مقبول ، ويجب ان يستمر عن طريق دعم المستورد وفرض ضريبة على المصدر0

واما القول بان ارتفاع سعر صرف الدينار يساعد الخزينة بتخفيف عبء خدمة الديون الخارجية فيتجاهل ان ما توفره الخزينة يخسره البنك المركزي الذي يحول دنانير الحكومة الى عملة أجنبية للتسديد ، كما يتجاهل ان المنح التي تتلقاها الحكومة بالعملة الأجنبية تزيد عن خدمة الديون ، أي ان خسارة الخزينة في المنح الواردة تفوق ربحها من خدمة الديون 0

يبقى ان نعرف ان 72 بالمائة من مستوردات الأردن ترد من اميركا والدول العربية والصين وباقي دول الشرق الأقصى وكلها مرتبطة بالدولار ، وان مستورداتنا من أوروبا باليورو لا تزيد عن 22 بالمائة 0

جربنا ربط الدينار بسلة عملات ، فكانت النتيجة إن سعر الدولار كان يتغير يوميا ، مما يهز الثقة بالدينار ويطلق الإشاعات ويحفز هروب رأس المال 0

12 سنة من الارتباط بالدولار حققت نتائج ايجابية لا يجوز المخاطرة بها.