لم يعد هناك مجال لتجاهل الكوارث المرورية

mainThumb

23-01-2008 12:00 AM

لا يمكن أن تكون هناك اية كلمات مناسبة لمواساة عائلة فقدت ابنا في عز الشباب في حادث دهس ، ولكن لا بد من تقديم رسالة تقدير لعائلة قدورة والتي تمكنت ليس فقط من التعامل السريع مع المأساة التي صدمت حياتها بل تحويلها إلى حالة زخم شعبية للضغط باتجاه المزيد من التشريعات والرقابة والتوعية بشأن السلامة المرورية ، وهذا قد يكون أفضل ما يمكن تقديمه لروح المرحوم حكمت وحوالي 800 مواطن أردني آخر فقدوا حياتهم على الطرقات العام الماضي.

لم تختر عائلة قدورة الصمت الحزين بل استثمرت الحزن العام ومع مساعدة ممتازة من وسائل الإعلام لتسليط الأضواء على الحادث وملاحقة المعتدي والعمل على تسليمه للعدالة والمساهمة في حشد الوعي نحو المزيد من الضوابط المرورية بعد اقل من اسبوع من قيام مجلس النواب ومجلس الأعيان مدفوعين بحالة تذمر شعبي وضخ إعلامي برفض قانون السير الجديد بسبب الغرامات العالية فيه وذلك "حماية للموارد المالية الشحيحة" للمواطن الأردني.

الحالة الجديدة قد تساهم في حماية قانون السير من محاولات إضعافه ، لأن المآسي التي يتسبب بها تهور بعض السائقين بات لا يمكن إحتمالها. قانون السير المؤقت لا زال ساري المفعول إلى أن يتم إعداد قانون بديل عسى أن يتمتع ايضا بالشدة والحزم في العقوبات ولكن الأهم من ذلك القدرة على التنفيذ.

قانون صارم بأدوات تطبيق دقيقة لا يمكن أن يحقق شيئا. في مشوار صغير ما بين الدوار السادس والثامن قبل يومين رصدت 8 مخالفات مرور واضحة منها 3 حالات حديث بالهاتف الخلوي وحالتا تجاوز خاطئ وحالة سرعة زائدة وحالتا اقتحام من شارع فرعي لشارع رئيسي بدون إعطاء الأولوية ، ولكنني لم ار اي رجل سير يرصد المخالفات بل وجدت رجل سير يتجادل مع سائقي باصات الجامعة على الدوار الثامن ربما على حمولة راكب زائد مع تجاهل لكل المخالفات الخطيرة.

في نفس الوقت الذي كان فيه البلد مشغولا بتداعيات الحادث التي أدى إلى وفاة المرحوم حكمت قدورة كانت الصحف الأردنية تنشر إعلانات شكر لتنازل عشائر عن حقها لعشائر أخرى بسبب حوادث سير أدت إلى وفاة 8 اشخاص ، وهكذا تطغي العلاقات الاجتماعية مرة أخرى على القانون ويصبح قتل شخص في حادث سير عملية لا تكلف إلا فنجان قهوة بينما الإصابة مثلا تكلف السائق الكثير من الأموال ولهذا انتشرت النكتة السوداء في المجتمع الأردني حول حوادث السير ومفادها أنه من الأفضل قتل المصاب وليس الاكتفاء بإصابته ، والعياذ بالله.

في نهاية الأمر فإن العنصر الرئيسي للوقاية هو الأخلاق والمسؤولية في القيادة ولكن للأسف لا نستطيع ولا يمكن لنا أن نكتفي بالمواعظ وحملات التوعية ولا بد من قانون شديد يرتبط ايضا مع سد الكثير من الثغرات اللوجستية التي تتسبب في الحوادث ومنها غياب جسور المشاة في المواقع الهامة وعدم أستخدامها من قبل البعض الآخر حتى لو كانت موجودة وجعل الأرصفة مخصصة فقط للمشاة وليس لعرض البضائع والكراسي وإغلاق المسارات.

لقد دفع الآلاف من الأردنيين الثمن بدمائهم وضاعت أرواح وفقد الكثيرون أحباءهم ولا يمكن الاكتفاء بالصمت أو إضاعة الوقت بحملات التوعية الخالية من الضوابط القانونية والاستمرار في طغيان الثقافة الاجتماعية التي تسامح المعتدي.

batir@nets.jo



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد