(بنات عمان أيام زمان) حميمية العلاقة بين الانسان والمكان

mainThumb

24-01-2008 12:00 AM

تنمو العلاقة بين الانسان والامكنة، كما هي بين الانسان والانسان، مع الزمن تكبر وتتجذر وتصبح جزءا من المتعلقات الشخصية واحيانا الممتلكات الخاصة. شخصيا ما زلت أحن الى مدرستي الاولى، والشارع المؤدي اليها فضلا عن تعلقي بجبل اللويبدة، حيث بيتنا الذي ولدت فيه وترعرعت، وتفتحت عيناي من خلاله على العالم من حولي.

عندما قرأت كتاب بنات عمان أيام زمان، ذاكرة المدرسة والطريق للدكتورة عايدة النجار، الذي تضمن ذكرياتها أيام الصبا ومرحلة الدراسة، أثارتني التفاصيل الى درجة تداخلت معها مشاعر الحزن والمتعة والتأمل، شعرت اولاً بالامتنان للدكتورة عايدة على احيائها لأماكن كادت أن تنسى، وشعرت ثانيا بالحنين للأماكن التي أوردتها من طرقات وبيوت وأدراج ومدارس، كما شعرت بالحنين لزمن أتذكر بعض ملامحه كالحلم، فما زالت بعض صور الحياة في السنوات الاولى من عقد الخمسينات الذي ولدت مع بدايته عالقة في مخيلتي.

ان اطلاع العامة على الذكريات الخاصة أو السير الذاتية وما يرافقها من توثيق لأحداث ومناسبات ذات طابع عام يعتبر أدق توثيق للتاريخ الحديث للدول، ولا سيما الناشئة منها كما هو الحال بالنسبة لوطننا الحبيب وهو توثيق يجب ان يضطلع به المثقفون والمتعلمون لانهم الأقدر على رصد التحولات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تمر بها الدول في سنوات التأسيس.

ما فعلته الدكتورة النجار توثيق لطيف لحقبة عاشتها، وهي حقبة الدراسة من الابتدائية وحتى آخر صف في المرحلة الثانوية اذ ذاك الذي كان يختم بامتحان المترك وهو امتحان عام كما هو امتحان التوجيهي الآن وقد أبدعت الدكتورة النجار في نقل صورة تلك الايام ولا سيما ما يتصل بمجال التعليم حيث التفاصيل ضرورية ومطلوبة عند الحديث عن مرحلة نعرف عنها نتفاً تأتي على شكل قصص في المناسبات او عند اجراء مقارنات بين ما نحن عليه الان وما عاشه اباؤنا من قسوة فرضتها البدائية وقلة الامكانات.

ان نشر المذكرات يعبر عن وفاء من صاحبها تجاه الناس الذين عاش بينهم والاماكن التي شهدت حركته الاولى منذ كان يافعا الى ان اشتد عوده، فكل مكان في المحيط كان بمنزلة بيته ومن خصوصياته، وكل فرد من الاتراب اخا له، وكل من تعامل معه من الكبار كأنه واحدا من اسرته.

في كتاب الدكتورة عايدة تكريم للمعلمات الاوائل في عمان، وهو تكريم اشكرها شخصيا عليه لانه شمل والدتي يرحمها الله التي كانت من اوائل المربيات في وطننا منذ ثلاثينيات القرن الماضي وتكريم لصديقاتها اللواتي انتقلن ايضا الى رحاب الله بعد ان ادين واياها الواجب وزيادة في تنشئة جيل اكمل المسيرة متمسكا بالقيم والمبادئ.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد