حافلات (مختطفة) .

mainThumb

28-01-2008 12:00 AM

لا زال حادث السبت سيّد الحزن..فالمشهد يفوق حد البشاعة والألم، يفوق الــلو..والندم، يفوق حدود الحسرة التي لا تطفئها تنهيدة أب مكلوم، أو أم انتظرت أولادها العائدين ..أو زوجة مشّطت صغارها بانتظار الأب المشتاق..

جثث مسجاة ..وجوه مغطّاة..بقايا دفاتر، حقائب مبعثرة، هدايا وألعاب، كراسي مقلوبة، أطفال لا يستطيعون حتى التألم..المشهد مروّع، والحزن يتدحرج الى قاع الوجع كلما مرّت تلك الصورة في الذاكرة..

** ذات الطريق، ذات المكان، ذات المنعطف، امرّ به ذهاباً واياباً الى عمّان كل يوم.. وذات الخوف وذات القلق يساورانني ذهابا واياباً الى عمّان كل يوم ..لا يمر شهر واحد الاّ وأكتب في هذه الزاوية مقالاً يتحدث عن حوادث السير وعن خطورة هذا المنحدر ومن نزول شارع الأردن باتجاه جرش وعن نزول البقعة الحاد..والحوادث في كل مرة تتكرر في ذات الأمكنة لكن بصور أكثر مأساوية..

** شاحنات محملة، وحافلات كبيرة، قلاّبات، بكبات، كوسترات، صهاريج ماء ضخمة..تتجاوز بسرعات عالية تزيد عن المئة والمئة وعشرين ..لا يلقون بالاً لسلامتهم أو لسلامة غيرهم..ولا يتعظون بمشاهد الموت التي أمامهم ابداً ..آمنون من المخالفة والمراقبة، فهم يحفظون غيباً مواقع شرطة السير ونقاط الرادار التي لم تتغير منذ نصف قرن..أتمنى أن يأتي بعض المراقبين من لجنة السير المركزية ويقفوا ساعة واحدة في الأماكن التي حددّتها ويشاهدوا بأم أعينهم السرعات الصاروخية التي تمرّ بها الشاحنات وباصات الركوب اثناء الانحدار.

** نسلم جميعاً أن المجازر المرورية لا تحدث من فراغ،هناك استهتار حقيقي من السائقين وهناك طمع ملعون حرسي من اصحاب الشركات الناقلة ، لقد عانيت شخصياً طيلة فترة تنقلي من والى عمّان من ارهاب الطريق ، وفي الغالب ركّاب الحافلات مغلوب على أمرهم...يتصرّفون في المركبة كما يتصرّف ركّاب الطائرات المخطوفة، هم رهن جنون السائق ورحمة السائق ومزاج السائق وزعرنة السائق واعصاب السائق ..ليس لهم الحق في الشكوى أو الإعتراض لغياب الجهة المعنية عن الميدان وجديتها في تناول الشكاوى..لذا يضعون كل صباح أرواحهم في أكفهم وفوق كراسيهم، ويعودون بها مساءً..منتظرين قضاء الله وقدره..

** لن أكتب أكثر، فتنهيدة طفل جريح أبلغ من كل ما كتب وسيكتب..لكن أرجو من دائرة السير أن تقوم بتركيب كاميرات رادار ثابتة على اعمدة الانارة والضغط العالي والجزر الوسطية كما هو الحال في دول الخليج، وذلك على طول الطريق من عمان الى اربد ومن عمان الى الزرقاء والى الكرك والجنوب وكل الطرق السريعة والخطرة ..

داخل عليكو...يكفيناً موتاً...

ahmedalzoubi@hotmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد