حوادث السير .. بين ثقافة القيادة ونظام المخالفات

mainThumb

29-01-2008 12:00 AM

مشكلة وجود خلل في القوانين والانظمة والآليات على الشوارع كانت دائما حاضرة في الصحافة ووسائل الاعلام. وشخصيا, كتبت منذ التسعينيات مقالات عديدة في هذا المضمار وحضرت ندوات واجتماعات ضمت مسؤولين واعلاميين, لكن المشكلة تتفاقم عاما بعد آخر. بما يوحي بان لا فائدة من كل ما يقال وما يتداول, فالشوارع اصبحت خارج السيطرة.

قبل شهرين فقط, قامت "العرب اليوم" بحملة من خلال التحقيقات والتقارير حول ما يجري على طريق البحر الميت, حيث سباق الشاحنات بل المئات منها. لكن لم يلتفت احد لما كتبنا حتى بعد وقوع اكثر من حادث احدها ازال نقطة التفتيش واشعل حريقا وسقط ضحايا. فمشهد شاحنة محملة بالحصمة او الرمل وهي تنطلق بسرعة لتتجاوز وتتسابق مع شاحنة اخرى اصبح من مشاهد يوميات حياتنا الاردنية.

حتى تلك "الفزعة" التي قام بها وزير الداخلية قبل اشهر بوضع مشروع قانون يغلظ العقوبات على المخالفين, هي فزعة لا تجدي ولا تقدم ولا تؤخر ما دامت البنية الاساسية للقيادة ونظام المخالفات على حالها لم تتغير.

لقد استوردنا نظام "الدوار" على طرقاتنا من باريس ولندن لكننا لم نستورد معه نظام السير ونظام المخالفات المرتبطة به. فالاردني الذي يقود مركبة يصاب بحالة من الارتباك عندما يحاول ان يقطع الدوار لان عليه ان يلتفت يمينا ويسارا والى الخلف والى الامام حتى يتلافى حادثا. اما في لندن وباريس. فانك ترى السائق يسير بالسرعة المحددة ويقطع الدوار وكأنه على اوتوستراد. والسبب عندما تسأل, هو فهم السائق هناك "لنظام الاولوية" حيث يعرف ان عليه ان ينتبه الى "يمينه" فقط وهو ما يسمح للجميع التقيد بالاولوية التي هي بمثابة "اشارات مرور" انسانية.

لا توجد ثقافة اولوية ابدا على معظم طرقاتنا وشوارعنا, انما تدافع ومحاولات تسلل تعبر عن "شطارة" لا اكثر ولا اقل. ومنذ ان ابتلانا الله باختراع "الرادار" ليحل محل شرطي الدراجة او الدورية, انتشرت ثقافة الشطارة باشارات الضوء الذي يحذر فيها السائقون بعضهم بعضا, فاذا ما تجاوزوا الرادار انطلقوا باقصى سرعة!!

الرادار لا يغني عن مراقبة القيادة وملاحقة من يقود بسرعة كبيرة او جنونية, وايقافه وانزال العقوبة المناسبة به. هكذا الحال في امريكا والمانيا ودول العالم التي تنفق مئات الملايين من اجل الدراسات لتنظيم الطرق وتخفيف الحوادث عليها.

لا بديل عن الشرطي, من خلال الدراجة او سيارة الدورية او طائرة الهليكوبتر لتعميم ثقافة القيادة الصحيحة واهمها التقيد بالاولوية, وثانيا التقيد بالانظمة والاشارات على الطرق وجوانبها.

في كل الندوات والاجتماعات التي حضرتها كان هناك لوم كبير يوجه للاعلام والصحافة بالقاء المسؤولية عليها في عدم بث الوعي المروري واصول القيادة وكان رأيي دائما ان ما ينظم البشر, سواء كانوا من العالم الاول او من العالم الثالث هو القانون وآليات تطبيقه. والنظام وحسن ادارته. فثقافة القيادة تتولد من نجاعة القانون ومن حسن تطبيقه.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد