الملك والحركة الاسلامية

mainThumb

28-01-2008 12:00 AM

كان الملك واضحاً في اجابته على سؤال صحيفة الدستور بخصوص الموقف من الحركة الاسلامية فقال: (اما بالنسبة للحركة الاسلامية فهي جزء أساسي من مشهدنا السياسي، وهي مدعوة كغيرها من بقية الاحزاب الى تقديم برامج عملية واقعية قابلة للتطبيق وتنسجم مع مصالحنا الوطنية الاردنية).

نعم هكذا تحدث الملك، وهذا هو الموقف الرسمي الاستراتيجي: الحركة جزء اساسي من المشهد السياسي الاردني، والجزء الأساسي لا يمكن الاستغناء عنه، وكيف لا تكون جزءاً أساسيا وقد مضى على وجودها اكثر من ستين سنة رسمت خلالها مواقف اسلامية عالمية وعربية ووطنية، وساهمت في البناء والاعمار في حقل التعليم والرعاية الاجتماعية والصحية، وكانت ايجابية مع البلاد حتى وهي تعارض وتحجب الثقة في البرلمان، لأن هذا جزء من العمل السياسي المشروع. نريد للذين يسنون اسنانهم بين الفينة والاخرى ويتمنون ذبح الحركة ان يقرأوا كلام الملك لينطلقوا منه بعد ذلك في توافق او اختلاف مع الحركة (ليس مهماً) ما هو الموقف بقدر استناده الى ان الحركة جزء اساسي، وان الاردن ليس استئصالياً ولن يسير في درب الذين استأصلوا الحركة في بلدان عدة. نعم سيبقى النموذج الاردني في التعايش والذي لا يعني التطابق ولكنه اختلاف للمصلحة العامة، اختلاف التنوع الذي يعطي صورة جمالية في المشهد السياسي.

وعلى الحركة في المقابل ان تقدّر هذا الكلام للملك وتشكره عليه وتسارع الى تقديم ما يمكن تطبيقه ضمن المصلحة العامة. الحركة تتبنى عناوين كثيرة ولكن الظروف قد تحول دون تحويل تلك العناوين الى واقع. ان الحركة مدعوة لتجديد نفسها وليس التخلي عن مبادئها، والتجديد يعني مراعاة الواقع الدولي والاقليمي والمحلي، ومشايخ الحركة هم الذين علمونا ان الشافعي رحمه الله كان له فقه في بغداد وفقه في القاهرة، ومن الممكن ان تسارع الحركة لدراسة العناوين التي تتبناها ليعيد خبراء منها ومن خارجها النظر فيها لمعرفة الحق المستحق، والحق الممكن وتأجيل ما تحول الظروف دون تطبيقه.

واذكّر بحالة الضعف التي عاشها المسلمون فكان العنوان (صبراً آل ياسر) ولما صارت القوة اعلن (ان نصرت يا عمرو بن سالم). وان الرسول صلى الله عليه وسلم كتب وثيقة المدينة فقبل معايشة يهود في المدينة ولما غدروا اخرجهم منها، والقائمة طويلة (لو ان لي بكم قوة) واعدوا لهم ما استطعتم من قوة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج (اعتق رقبة.. صم شهرين.. أطعم ستين مسكيناً) ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلاً لا يكلف الله نفساً الا وسعها (الدين النصيحة). وعلى الحركة ان لا تستحي من حبها لبلدها فقد قال عليه السلام مخاطباً مكة (والله انك لأحب ارض الله اليّ) فكل مسلم مدعو لحب بلده وتقديم الخير لأهله فقد ارسل الرسل قبل محمد صلى الله عليه وسلم لأقوامهم، وواقعنا يفرض علينا ان نصلح شأننا وبعد ذلك نقدم استطاعتنا.

ونريد للحكومة ولمؤسسات الدولة ان تنطلق في تعاملها مع الحركة الاسلامية من قول الملك ان الحركة جزء أساسي فلا يضيق عليها، ولا توضع في الزوايا، ولا يتم التمييز ضدها ما دامت ملتزمة بالدور الايجابي الذي لعبته خلال ستين سنة. وان استمرار الحركة في هذا الاتجاه يجعلها قدوة لبقية عناوين الصحوة حتى لا نفاجأ بوجود حركات تخريبية او جاهلة او مضللة تعصف بالدين والناس في آن واحد. وعلى العقلاء الواعين سياسياً واسلامياً ان يدركوا المخاطر وبالتالي يعالجوا بذور السوء اولاً بأول..



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد