الـولاء .. يا أبطال التحرير

mainThumb

28-01-2008 12:00 AM

ربما هي ساعات أو أيام قليلة قبل أن تتخذ الحكومة قرارها بتحرير أسعار المحروقات، من بعدها سيتحرر كل شيء، كل الأسعار سيرتفع مستواها البياني، ولن نجد سلعة واحدة بسعرها الذي كانت عليه قبل ساعات.

ويبدو أن "التحرير" بمعناه الاقتصادي وليس السياسي أو العسكري بطبيعة الحال، بات قدراً لا يريد مجموعة سياسيين أن يكون لنا قدر برده ، يريدونه قدر لا يُرد ، رغم أنه إن أردنا رده ، لكان لنا ذلك.

فمن يدقق في تفاصيل الواقع الاقتصادي يجد بسهولة ويسر أن المبالغ التي تُدعم بها المحروقات والسلع لا تساوي شيء أمام الهدر المتنوع والشرعي وغير الشرعي للمال العام.

أياً تكن الظروف الاقتصادية التي دفعت الحكومات، وآخرها الحكومة الحالية لانتهاج سياسية التحرير، فإنها جميعا (الحكومات) أغفلت بعدا خطرا وحساسا وصعبا للعملية الاقتصادية أنه البعد الاجتماعي بكل تفاصيله.

وإذا ما نظرنا للسياق الذي تجري فيه عملية التحرير سنداً لاقتصاد السوق المفتوح ، فإن أبطال التحرير لم يلتفتوا على ما يبدو إلى الكلف الاجتماعية ومخاطر تضررها الأكيدة من التضخم المرتبط بارتفاع الأسعار.

ليس ذلك فقط، بل أن الطبقة الوسطى ستزحف منها شريحة كبيرة إلى ما دون خط الفقر، فهل فكر أبطال التحرير في حجم المخاطر التي سيخلفها ضعف الطبقة الوسطى، وهل فكروا في معنى الخلل الاجتماعي الذي سيصيب أول ما يصيب " بُعد الولاء " واحتمالات تحوله إلى أصحاب رأس المال.

أطلعت مؤخرا على كتاب لمؤلف ألماني، لا يحضرني أسمه الآن، واسم الكتاب "اقتصاد يغدق فقرا" فوجدت أن كل المحاذير التي تحدث عنها المؤلف ، تنطبق علينا من ناحية الانفتاح إلى السوق من غير تأهيل الاقتصاد الوطني ليكون قادرا على المنافسة، وكذلك ما حذر منه من أن انسحاب الدولة من دور الرعاية للمجتمع وإناطته بالمستثمرين.

نحن أمام ظروف سياسية بالغة التعقيد، وها نحن نأتي بظروف اقتصادية بالغة السوء، فكيف إذن سيكون حال المجتمع والدولة وهي التي لا توازن بين مستوى الدخل والتحولات الكبيرة في الأسعار التي تتزايد منذ سنوات. مطلوب من الحكومة أن تكون أكثر وعيا بما يحتمه اقتصاد السوق، ولا يجب بأي حال من الأحوال أن نلتزم بأجندة البنك وصندوق النقد الدوليين أو نستنسخ تجارب دول أخرى من دون أن نعي أن لنا خصوصية وتركيبة اجتماعية هي نسيج الدولة ورافعتها.

أخشى ما أخشاه أننا نتحرك في الزمن الخطأ إلى خلق واقع اقتصادي خطأ لم نجهز الناس له جيدا ولم نحسب حساب الكلف الاجتماعية له، فمن سيتحمل المسؤولية عن أي تداعي لا يحمد عقباه. فيـا أبطال التحرير، أدركوا الأردنيين قبل أن لا تدركوهم ، وحينها لا ينفع الندم . وكما يقول المثل الأردني : "إن فات الفوت ما ينفع الصوت" . حمى الله الأردن وحفظ الله جلالة الملك



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد