كيف نقيس السقف الصحفي! .

mainThumb

27-01-2008 12:00 AM

في وقت ما كان انتقاد الحكومة يدل من حيث المبدأ على سقف مرتفع عندما كان هذا الانتقاد عالي التكاليف ، ولكن السقف المرتفع لم يعد انتقاد الحكومة ، بل تعبير الكاتب بصدق ونزاهة عن قناعاته الحقيقية ، وليس من الضروري أن تكون في جميع الحالات ضد الحكومة ، فانتقاد الشارع والتوجهات الشعبوية والغوغائية يحتاج لسقف أعلى من انتقاد الحكومة ، بل إن دعم الحكومة وتأييد سياساتها وقراراتها إذا كانت صحيحة يحتاج لسقف عال وشجاعة أدبية.
في هذا المجال قرأت تعليقاً لمحرر (السجل) يدّعي أن سقف الصحف اليومية انخفض بمناسبة رفع الأسعار وإلغاء الدعم ، ودليله على ذلك أن الصحف اليومية لم تشن حملة ضد رفع الأسعار لإحراج الحكومة. وقد (اعترف) رئيس تحرير (العرب اليوم) بانخفاض السقف بهذا المعنى ولكن كسياسة تحريرية غير مفروضة من الخارج ، فأوضح ما قد يكون جرى في الصحف اليومية من شعور بالمسؤولية.
القول بانخفاض السقف يفترض أن رفع الأسعار كان خطأ يجب الوقوف في وجهه ، وليس دواءً مراً لا بد من تعاطيه. وهو ينطلق من افتراض أن الحكومة ترفع الأسعار بقصد إلحاق الضرر بالشعب الذي عليه أن يقف في وجهها ، وأن تقوم الصحف بمساندته في هذا الموقف.
الحقيقة أن الحكومة تكره قرار رفع الأسعار أكثر من كراهية محرر (السجل) للقرار ، ولكنها مضطرة لذلك لأن البديل هو الغرق في العجز المالي والمديونية التي تؤدي في نهاية المطاف إلى أزمة طاحنة لن يكون ضحاياها سوى محدودي الدخل والفقراء ، الذين يدّعي الجميع الحرص على مصالحهم.
في الأوقات الصعبة يجد الصحفي نفسه أمام خيارين ، أولهما موقف قد يخدم شعبيته ويساعد في التوزيع ولكنه غير مسؤول ، ويسميه محرر(السجل) سقفاً مرتفعاً ، والثاني ينطلق من الحرص على المصلحة العامة ، ولو عرّضه ذلك لتهمة انخفاض السقف وتسويق السياسات الحكومية باعتبارها سياسات معادية كان على الصحافة الحرة شجبها وتحريض رسامي الكاريكاتير على السخرية منها.
ماذا لو كان الصحفي النزيه مقتنعاً بأنه لا مناص من قرار رفع أسعار المحروقات ، هل من واجبه المهني في هذه الحالة أن يحارب القرار الصحيح ليبدو سقفه عالياً ، أم يسهم في تفسير القرار وتمريره وعدم إعاقته كواجب مهني ووطني؟.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد