تداعيات ثلجية

mainThumb

01-02-2008 12:00 AM

الثلج لا يسكت على غش سواء في الشارع أو في السيارة أو حتى في اختبار الهمم، فالمتقاعس يفضحه الثلج والغشاش يفضحه الثلج وذو الهمة الكبيرة يزكيه الثلج ، فهذا الضيف المهيب بشيبته التي يغطي بها المدن والبيوت والنوافذ ليس لديه متسع لمجاملة فهو يعرف أن زيارته قصيرة لا يحتمل إنفاقها في المجاملات لذلك فهو يوزع النياشين على المجتهدين ويوبخ المستقيلين من مهامهم ويمضي مخلفا الخير كله والأمل كله.

الثلج الذي زارنا البارحة عزز لدينا القناعة بهمم الرجال الذين واصلوا الليل بالنهار سهرا على راحة أخوتهم لكنه بالمقابل كشف لنا حجم الغش والانحطاط لثلة من المقاولين الذين اخذوا من جيوبنا مالا سحتا لقاء عمل لم ينجزوه فالمقاول الذي يعبد طريقا دون الالتفات إلى أدنى متطلبات الأمانة سرعان ما ينكشف في أول اختبار والمقاول الذي يصنع البيوت دون اعتبار لأقل معايير الجودة سرعان ما نكتشف خيبتنا في أمانتهم المثلومة.

كان الثلج بالنسبة لي مناسبة لإعادة اكتشاف أسرتي والتحديق إلى الداخل قليلا، كان مكوثي في البيت لثلاثة أيام يشبه تماما إخراج قطعة معدنية صغيرة من آلة جهنمية لبرهة من الوقت، كم كنت ضئيلا إذ انتابني إحساس بأنني بلا فائدة دون تلك الشبكة المعقدة التي يتداخل فيها العمل بغيره من اشتراطات الحياة راسمة ذواتنا في عيون الآخرين، علينا أن نعترف أننا محصلة ما يجمعنا بالآخرين.

أول مرة استمع إلى مصطلح العقوبات الذكية كان ذلك على لسان وزير الخارجية الاميركي السابق كولين باول عندما كانت إدارته تفكر في صياغة نمط جديد من العقوبات بحق العراق، لكنني لم اسمع أبدا عن مصطلح العقوبات الغبية لكنني في هذه الثلجة شاهدت هذا النمط من العقوبات.

قال لي خبير في الشأن المائي إن كل هذا الثلج الذي هطل لا يساوي ما يضخ جورا من آبار حوض الديسي فكم من ثلجة نحتاج حتى نعوض ما يستنزف من مخزوننا الاستراتيجي الوحيد، للعلم فقط كان الاستثمار في المياه الجوفية على مدى عقدين من الزمان ينتج من الوجهاء أكثر مما ينتج من الخضروات فالبئر كانت علامة على الوجاهة وليس بوابة للاستثمار الزراعي ، وماذا حصل بعد عقدين؟ تكاثرت وجوه الخير وغارت المياه العذبة.

كل عام وانتم بخير

samizobaidi@gmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد