صباح الوطن الجميل

mainThumb

02-02-2008 12:00 AM

أمس كان الصباح مدهشا. شمس ساطعة على بياض ناصع وماء رقراق يسيل في الشوارع، ورغبة جامحة في الخروج ورؤية الناس والذهاب الى العمل.

سعدت بهذا الشعور العارم بالتفاؤل، وبدت لي ملامح الجميع في الشارع وفي العربات تنم عن جو شبيه، وتساءلت في نفسي إذا ما كانت أسارير الناس منفرجة حقا أم أنني أعكس فقط ما أشعر به، وتذكرت حكاية طريفة من اليوم السابق قرأتها على بريدي الإلكتروني تقول إن شخصا متجهما غاضبا دخل قصر المرايا الألف فرأى ألف وجه متجهم ينظر إليه من كل زاوية فخرج أكثر تجهما وكآبة، ودخل شخص آخر مبتسما فوجد ألف وجه يبتسم له فخرج أكثر تفاؤلا وسعادة، وبما أن الأردنيين شعب يوصف بالتجهم فالحكاية تصلح أن يتمثلها كل مواطن ويطبقها على نفسه حتى يرى كل الوجوه تبتسم له، وأكثر ما يلفت انتباهنا ونحب أن نتحدث به إذا عاد أحدنا من الخارج هو لطف الناس وابتسامهم لك في التعامل اليومي في كل مكان. وقد يكون للبيئة دور لكن في مناطق مثل كندا يعيشون نصف العام مع برد قارس وجو معتم وثلج أسود بفعل عوادم السيارات وتلوث الجو وتزايد حالات الاكتئاب والانتحار أمّا عندنا فأسمع من ضيوف أجانب هياما بالطقس المعتدل والضوء المتوهج معظم العام. وأتوقع أن ينبري من يقول وكيف نبتسم مع هذه الظروف والصعوبات المعيشية! فأقول إن ضنك الحياة موجود دائما بدرجة أو أخرى والمصريون بالمتوسط لا يتمتعون بمستوى معيشي وخدمات أفضل لكن مزاجهم دائما أفضل منّا. والتجهم على كل حال لا يجلب واقعا أفضل.

أعود لأتابع هذا المقال الصباحي وقد تركته لساعة من الزمن حدث خلالها شيء رائع، وأشعر بطرافة الموقف كما لو أن التفاؤل والإقبال الذي بدأت به نهاري كان يخفي لي في الجو مفاجأة جميلة للغاية، فقد تلقيت هاتفا يطلب منّي التأكد من بقاء هاتفي مفتوحا وبعد بعض الوقت.. كان صوت جلالة الملك على الطرف الآخر يطمئن علي ويهنئني بالسلامة ويعبر عن الاستياء الشديد من الاعتداء الذي تعرضت له قائلا إن مثل هذا الأمر بالنسبة له خط أحمر وإنه أعطى توجيهاته لمتابعة القضية بكل حزم للوصول إلى الحقيقة وكشف الجناة.

هذه اللفتة السامية لا تخصّني شخصيا فالمخاطب بها كل الوسط الصحافي والإعلامي. وإذا كان جلالته قد أكّد غير مرّة أن حرية الإعلام سقفها السماء فهو ينوي أن يكون لهذه الحرية درع يحميها فالحرية والأمن صنوان ولا معنى للحرية من دون أمن، ففي العراق يوجد حرية كاملة للإعلام لكن الصحافيين يفقدون حياتهم كل يوم أثناء ممارستهم لعملهم.

وقد يكون الأذى الذي تعرضت له طفيفا للغاية لكن بالنسبة لبلد كبلدنا يفخر بتقاليد لا نظير لها بالنسبة للأمن الشخصيي فالحادثة خطيرة بدلالاتها، واتصال جلالة الملك رسالة للأسرة الصحافية تفخر بها وتعتز. وسمعت من جلالته ثلاث مرّات أن هذا الأمن خط أحمر وأنه أعطى توجيهاته للجهات المعنية بمتابعة الأمر بكل حزم، ونحن نعرف جيدا كيف يضطلع فرسان أبي الحسين بما يكلفون به من مهمات، وأي إثبات أكبر من إنجازات الأجهزة الأمنية ضد الإرهاب واجتراح المعجزة الماثلة أمامنا بصيانة أمن واستقرار دولة القانون والمؤسسات في محيط عاصف ومضطرب.

قد أكون فوجئت حقا بما حصل معي في ظلّ الثقة التقليدية عند كل واحد منّا بالأمان الذي ننعم به في بلدنا الغالي لكن ما أريد قوله بصدق أنني وبعد هذه الحادثة أجد نفسي أكثر ثقة وأشدّ اطمئنانا مما كنت قبلها ولا حاجة أن أتوجه بالشكر لجلالة الملك على هذه اللفتة السامية ففي كل زاوية من هذا الوطن ثمّة ما يتحدث بمآثر جلالته. أريد فقط أن أتوجه بالتهنئة إلى الشعب الأردني، شعب طيب استحق قيادة طيبة، وفي وسط معاناة كل يوم لننظر حولنا وثقوا أن ثمّة ما يستحق أن نسعد ونبتسم من أجله.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد