الثلج مصدر للقلق لدى الأردنيين

mainThumb

01-02-2008 12:00 AM

يمكن القول بأن العاصفة الثلجية قد مرت بسلام هذه المرة على الأردن ، بفضل جهد منسق بين الجهات المعنية بالحفاظ على السلامة العامة وتسهيل حركة المواطنين الضرورية في وقت هطول الثلج. وربما باستثناء حالة انقطاع الكهرباء التي أثرت بشدة على محافظة الكرك فإن الحياة بقيت عادية.

من المفترض أن لا يمثل تساقط الثلج تحديا ولا أزمة لأية دولة حديثة ، ولكن تجربة العام الماضي حيث تقطعت السبل بآلاف المواطنين نتيجة عدم جاهزية الآليات والمركبات المعدة لمواجهة العاصفة الثلجية ، والتردد في اتخاذ القرار السريع في اللحظة المناسبة جعلت من عاصفة ثلجية معتادة في الأردن مصدر تهديد لقوة وأداء الحكومة.

في هذا العام كانت هناك خطة طوارئ جاهزة ومعدة مسبقة وتنسيق جيد بين المؤسسات المعنية وقد تم امتحان هذه الخطة في الميدان ونجحت بشكل كبير. ما ساعد أيضا على تقليل الآثار الناجمة عن العاصفة الثلجية القرار السريع بتعطيل الدوائر والمؤسسات الرسمية والخاصة والتعليمية مما ساهم في انخفاض الحركة في الشوارع إلى الحد الأدنى ، إضافة إلى التهيئة الإعلامية المسبقة التي جعلت المواطنين يهرعون إلى ابتياع وتخزين كميات قد تكون فائضة عن الحاجة من المواد الغذائية والأدوية والمحروقات.

من المدهش في هذه الحالات معرفة مدى هشاشة مدينة حديثة مثل عمان أمام عاصفة ثلجية. نفهم أن تتسبب العواصف في مشاكل وانقطاع مروري في القرى والأرياف نتيجة ضعف البنية التحتية والمسافات الطويلة للطرقات الرئيسية بين المدن والقرى ولكن في مدينة مثل عمان تؤدي هذه العاصفة إلى شلل شبه تام في الحياة العادية.

على السطح كانت العاصفة الثلجية ذات تأثير قابل للسيطرة ، ولكن في عمق بنية المجتمع الأردني كان واضحا أن الثلج قد بدأ يفقد نمطه السعيد المرتبط في الذاكرة الأردنية بالهدوء والسلام والدفء. العاصفة الثلجية تعني لملايين الأردنيين الآن الحاجة الماسة للحصول على المحروقات مسبقا ، وبتكلفة عالية جدا وكذلك صعوبة ترافق عملية تأمين مستلزمات الكاز والغاز والبنزين.

بالنسبة لكثير من الأردنيين فإن الثلج يعني ضغطا على منازل آيلة للسقوط ، وذوبان الثلوج يهدد بتكوين سيول في مناطق يسكنها مواطنون في مجرى المياه والعديد من المخاطر الأخرى التي ترافقت مع الأزمات الاقتصادية المتتالية في السنوات الماضية والتي غيرت في منظور الأردنيين للثلج ليصبح مصدرا للقلق والضغط المالي بعد أن كان في السابق مصدرا للابتهاج.

عموما يمكن النظر بتفاؤل إلى مساهمة العاصفة الثلجية في رفد المخزون المائي في الأردن بكميات إضافية تساهم في جعل الصيف أقل صعوبة ، فالخير الذي هل على البلاد كان كبيرا ولو كانت هناك منظومة من السدود وأدوات التخزين المائي المناسبة على الأرض فإن استثمار هذا الخير سيكون كبيرا.

بالرغم من النجاح النسبي في مواجهة أعباء العاصفة الثلجية الأخيرة فإن المزيد من الجهد مطلوب لتقوية البنية التحتية في بعض المحافظات وعدم تعرض المواطنين فيها إلى حالات انقطاع الكهرباء والمحروقات ، مع التأكيد على أن تجاوز عاصفة ثلجية بدون أية أخطاء يبقى حالة نموذجية ربما لا توجد حتى في الدول الصناعية الكبرى ذات البنى التحتية المتقدمة.

batir@nets.jo



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد