هيزعيات رسمية

mainThumb

29-01-2008 12:00 AM

وترت الجهات الرسمية ، الناس ، هذا الاسبوع ، وكأن هناك من هو متخصص في فن الذعر الشديد ، واثارة الازمات النفسية للاردنيين ، وجعلهم يحلمون فقط ، بأن يمر يومهم ، على خير.

الهيزعية التي بدأت مع اعلان احد مواقع الانترنت المتخصصة بالارصاد الجوية ، عن عاصفة ثلجية ، ثم جاءت الارصاد الجوية ، لتعلن عن ذات العاصفة الثلجية ، وتضاربت مواعيد وصولها ، بين كل الجهات ، ما بين من قال انها ستبدأ الاثنين ، ومن قال الثلاثاء ، ومن اختبأ خلف تقديرات مفتوحة من الثلاثاء حتى الخميس.

والناس فقدوا ثقتهم بالارصاد الجوية ، بعد ثلجة الاسبوع الماضي ، حين فشلت الارصاد الجوية بالتنبؤ بها ، وبررت انها حالة نادرة ، وفي المحصلة شهدنا لاول مرة ، في الاعلام الاردني ، طلاقا معلنا ، بين الاعلام الاردني ودائرة الارصاد الجوية ، اذ نشرت كل الصحف ما تقوله الدائرة ، لكنها نشرت ما يقوله موقع طقس الاردن ، وما يقوله حتى "موقع ياهو" ، وتركت الصحف الامر مفتوحا ، حرصا ، على مصداقيتها ، بعد عبقرية الارصاد الجوية الاسبوع الماضي.

الاهم ، من كل هذا الكلام ، هذه الهيزعية ، التي ننفرد بها عن كل دول الدنيا ، فعلى الرغم ، من ان البلد ، معتاد على الثلج ، وكل شتاء ، نعيش عدة منخفضات جوية تأتي بالثلج ، والطفل الصغير في الاردن ، معتاد على الثلج ، الا اننا نعيش هيزعية كل مرة ، ومن يشاهد تقافز الخبراء والمحللين ومسؤولي البلديات والوزارات والامن العام والشرطة ، للحديث عن العاصفة الثلجية ، يحس بأننا نستقبل الثلج لاول مرة ، او اعتقد انها عاصفة من حجر ستأتي الينا ، وهي هيزعيات ، توتر جو الناس ، وتجعلهم ، في حالة خوف ، فهذا يقول ..لا تخرج من المنزل ، وذاك يقول لا تسافر ، وثالث يطالب بالاستعداد ، حتى سمعت مذيعة منذ امس الاول ، على احدى اذاعات الاف ام تقول استعدوا ولا تنسوا التموين ، ولم يبق رغيف خبز ، الا واشتراه الناس ، ولم يبق ليتر كاز ، الا وخزنوه ، ولم تبق اسطوانة غاز ، الا وتم حملها.

وهذه الهيزعيات ، التي تتسبب بها الجهات الرسمية ، تنم عن عقلية غريبة ، وكأن البلد يعيش في قرنين سابقين ، واحيانا لا..يلام الناس ، فقد فقدوا الثقة بكل ما هو رسمي ، وكلنا يتذكر ثلجة حكومة البخيت الشهيرة ، التي ادت الى كوارث جراء اهمال الحكومة حينها ، مما ادى الى تدخل الجيش لانقاذ الناس وفتح الطرقات.

الثلج نعمة ، واذا كنا نغطي العجز في التنبؤ ، وفي ادارة هذه الازمات ، ان جازت تسميتها بأزمات ، عبر بث الخوف والرعب في قلوب الناس ، وخلق ازمات وتوترات واثارة الطوارئ المبالغ بها ، والسماح لكل مسؤول من كل المستويات ، ان يخرج علينا ليحدثنا عن بطولاته قبيل وصول عاصفة ثلجية ، كل ذلك سوء ادارة لمنخفض جوي اعتاد عليه البلد ، منذ ان خلقه الله ، حتى ان الاردني يريد فقط معرفة حالة الطقس ، وحالة الطرق العامة ، وحسب ، ولا يريد كل هذه البطولات الدونكيشوتية ، وهذه الاصوات الهادرة في الاعلام التلفزيوني والمسموع ، التي تتحدث وكأن بركانا على وشك الانفجار في عمان.

الشخصية القائمة على الخوف والاستعراض والمبالغات المركبة ، لا تليق ببلد نقول انه متطور ، وكان الاولى ان تُسخر هذه الطاقات الهادرة ، لاصلاح طرق خربة ، تؤدي الى قتل الالاف سنويا ، وكأننا نعيش حربا اهلية.

يأتي المنخفض ويذهب ، وتبقى هيزعيات الرسميين ، كانجازهم الشرعي والوحيد.

M.tair@addustour.com.jo



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد