صحيفة السوسنة الأردنية

من المستبعد أن تكون خسائر الثلجـة الأخيرة كلفـت الأردن حوالي 90 مليون دينار ، أي 2ر7 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي المتوقع لسنة 2008 كما قيل على لسان اقتصاديين؟. لو كان ذلك صحيحاً فإن النمو الاقتصادي المتوقع لهذه السنة ، الذي كان يتراوح بين 5 إلى 6 بالمائة ، سيصبح نمواً سالباً بعد الخسارة المزعومة المشار إليها أعلاه.

القول بهذه الخسارة الفادحة ينطلق من الافتراض بأن جميع فعاليات الاقتصاد الأردني توقفت تماماً عن العمل والإنتاج لمدة ثلاثة أيام ، وهذا غير صحيح بالمرة.

في القطاع الزراعي مثلاً استمرت النباتات في النمو ، وواصلت الأشجار إعطاء ثمارها. وفي مجال الثروة الحيوانية لم يجف حليب الأبقار ، ولم يتوقف الدجاج عن إنتاج البيض واللحوم.

والرواتب في القطاعين العام والخاص ، التي تشكل 40 بالمائة من الدخل القومي ، لم تتأثر بالمرة ، وينطبق ذلك على الفوائد المقبوضة على الودائع والمدفوعة على القروض وإيجارات المساكن المؤجرة ، وما إلى ذلك مما يرتبط بمرور الزمن.

إلى جانب ذلك استمرت في العمل كالمعتاد قطاعات اقتصادية واسعة في مقدمتها الكهرباء والمياه والبوتاس والإذاعة والتلفزيون والاتصالات ، كما أن جهات أخرى عملت أوقات إضافية وعلى مدار الساعة كالدفاع المدني والأمن العام والقوات المسلحة ووزارة الأشغال ، ولم نسمع أن أحد المستشفيات العامة أو الخاصة تعطل عن العمل أو توقف عن تقديم الخدمات المعتادة.

صحيح أن الحكومة والبنوك أغلقت يومي الأربعاء والخميس لتعذر الوصول إلى المكاتب ولكنها عوضت عنه بالعمل يوم السبت ، وبشكل عام فإن المعاملات المصرفية والحكومية ، التي تأجلت ليوم أو يومين ، نفذت بعد ذلك وتم تلحيقها ، والبضاعة التي تأخر نقلها لبعض الوقت نقلت بعد ذلك ، وعمليات الشراء والبيع التي لم تتحقق خلال يومين تحققت فيما بعد ، والامتحانات الجامعية التي لم تتم في مواعيدها أجلت لموعد آخر وهكذا.

صحيح أن بعض الخسائر المادية وقعت ، ولكنها هامشية ، ولا تقارن بالمنافع لجانب سقي المحاصيل البعلية التي كانت معرضة للذبول ، وتغذية المياه الجوفية ، وحقن السدود بالمخزون المائي ، وري الأرض بالعمق لصالح موسم الخضار الصيفية القادم.

الزائر الأبيض جاء في وقته ، فأخذ القليل وأعطانا الكثير. ونمو الناتج المحلي الإجمالي بعد الثلجة سيكون أفضل من التقديرات السابقة لها.