يوم الاختبار في لبنان

mainThumb

14-02-2008 12:00 AM

خرجت اصوات لبنانية امس تدعو الى الوحدة الوطنية وذلك في معرض تعليقها على جريمة اغتيال عدنان غنمية احد قادة حزب الله في دمشق. غير ان هذه الدعوات لا تزال في دائرة التمنيات. والواقع ان من يقف وراء الاغتيال اختار التوقيت »المثالي« لتعميق الشرخ بين الموالاة والمعارضة, وبينما وضعت جماعة 14 اذار كل قواها لجعل هذا اليوم اختبار قوة في الشارع من خلال الدعوة لاكبر تجمع شعبي مناصر لها, فان اغتيال غنمية يفرض على المعارضة الدخول في هذا الاختبار لحشد تجمع شعبي مناهض في موكب جنازة احد قادتها.

لقد ارادت جماعة 14 اذار ان تجعل من هذا اليوم مناسبة لتجديد التحشيد ضد سورية وضد سلاح المقاومة »حزب الله« فجاء الاغتيال ليعمق التناقض في الاهداف بين القوتين المتصارعتين في لبنان, لان مناسبة تشييع غنمية ستتحول الى مناسبة لتجديد البيعة لسلاح المقاومة مع التأكيد على تحالفاتها السورية والايرانية, ما دام خطر العدو الاسرائيلي المشترك قد طال احد رؤوس المقاومة.

مع ذلك, ورغم التناقض والتنافر في صورة المشهد اللبناني اليوم فانه من المستبعد تطور المواجهة بين جماعة 14 اذار وبين حزب الله وحلفائه نحو الصدام المسلح. هذا لن يحدث, لان اغتيال غنمية وان كان سيجدد الشرعية لسلاح المقاومة باعتبار الجريمة تأكيد على طروحاتها باستمرار الصراع مع اسرائيل, فانه وبالمقابل يضعف حجة جماعة 14 اذار في تجريد هذا السلاح, كما انه الى جانب ذلك, يعزز من موقف المعارضة القائل بان من يقف وراء سلسلة الاغتيالات في لبنان هي اسرائيل وكل من له مصلحة في خدمة استراتيجيتها في تفكيك المنطقة وتكريس احتلالاتها.

يمكن ان يشكل هذا اليوم منعطفا ايجابيا في مسيرة الازمة اللبنانية اذا ما احست الرؤوس الحامية من الطرفين بان دائرة الاغتيال لا تقتصر على جهة دون اخرى فبعد تساقط الشهداء من زعماء 14 اذار سقط نائب قائد الجيش ايضا شهيدا ضحية لهذه العملية الاجرامية, واليوم يسقط القائد العسكري الفعلي لحزب الله شهيدا لهذا الارهاب المتواصل, الذي يتعمد اللعب بالدم اللبناني ونجح الى حد بعيد في تدمير اقتصاد هذا البلد وتعطيل مؤسساته وزجه في ساحة فراغ رئاسي دستوري ينذر بحرب اهلية ثانية قد »تحرق الاخضر واليابس« كما جاء في النذر التشاؤمية لجنبلاط.

نأمل ان يجتاز لبنان محنة هذا اليوم بالسلامة والامان لكن ايضا سنعرف الكثير عن مستقبل هذا البلد من الكلمات والخطابات التي سيتناوبها الطرفان »المعارضة والموالاة« على وقع ذكرى الحريري وعواطف توديع قائد بارز للمقاومة. فهل سيكون هذا اليوم فرصة لتقديم مبادرات جديدة للمصالحة الوطنية ام انه سيمتلئ بالتهديدات المتبادلة وبما يثلج قلوب قادة اسرائيل ويكافئ مدبري الاغتيال او لنقل جميع الاغتيالات من الموساد وعصابات الارض الاخرى.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

لا يمكن اضافة تعليق جديد